أيهم يعطي؟ إذ كلهم يرجون أن يعطي (1)، فقال: أين علي؟، فقيل: يشتكي عينيه، فأمر فدعا به فبصق في عينيه. فبرأ مكانه حتى كان لم يكن به شئ، فقال: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال علي رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لإن يهدي بك رجل واحد خير لك من حمر النعم.
وخرج البخاري في الجهاد في باب ما قيل في لواء النبي (2) صلى الله عليه وسلم وفي مناقب علي، وخرج مسلم في المناقب: كلاهما من حديث حاتم بن إسماعيل، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سلمة بن الأكوع، قال: كان علي - رضي الله تبارك وتعالى عنه - قد تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر كان رمدا، وقال البخاري: وكان به رمد، فقال: أنا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلما كان في مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين الراية أو ليأخذن الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله، أو قال: يحب الله ورسوله، يفتح الله عليه، فإذا نحن بعلي، وما نرجوه. فقالوا: هذا علي فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح الله عليه، لفظهما فيه متقارب.
وخرج النسائي (3) من حديث الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، قال: سمعت أبي بريدة يقول: حاصرنا خيبر، فأخذ اللواء أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - ولم يفتح له وأخذه من الغد عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه، فانصرف ولم يفتح له، وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني رافع لوائي غدا إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح له ربنا طيبة أنفسنا أن الفتح غدا فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم الغداة، ثم قام قائما، ودعا باللواء والناس على مصافهم، فما منا إنسان له منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هو يرجو أن يكون صاحب اللواء فدعا علي بن