فوضع رأسه في حجره، فتفل فيها صلى الله عليه وسلم ومسحها بألية يده، قال: فانفتحت عين علي فرأيتها، وكأنها جزعة من حسنها، قال: فمشى والراية معه، فسمعت صياحه بالنداء، ووجهه إلى العدو وظهره إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: يا رسول الله، علام أقاتل الناس؟ فقال صلى الله عليه وسلم: على أن يقولوا لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله.
قال: فجاء إلى اليهود أجمع ما كانوا فشدوا عليه شدة رجل واحد، فيثبت، ثم حملوا عليه، فثبت، فحمل عليهم فانهزموا إلى الحصون، فلما رأوا إمرة علي داروه، وكان مرحب أشجع اليهود فصاحوا: يا مرحب اليوم.
قال: فخرج مبادرا مدلا، فلما تواقفا قال مرحب: ما اسمك يا فتى؟
قال: علي، فاطمأن قلبه، وأقبل نحو علي وهو يرتجز.
أنا الذي سمتني أمي مرحب * شاك سلاحي بطل مجرب [إذا الليوث أقبلت تلهب * وأحجمت، عن صولة المغلب] (1) قال: فقال علي - رضي الله تبارك وتعالى عنه -:
أنا الذي سمتني أمي حيدره * كليث غابات غليظ القسورة ويروى:
أنا الذي سمتني أمي حيدره * أضرب بالسيف رؤوس الكفرة * أكيلهم بالصاع كيل السندرة * قال: فضربه علي ضربة قده (2) باثنتين قال ابن عباس: كانت لعلي ضربتان إذا تطاول قد، وإذا تقاصر قط. قال ثعلب: اختلف الناس في قوله:
السندرة، فقال ابن الأعرابي: هو مكيال كبير مثل القنقل (3)، وقال غيره: