وخرجه في آخر كتاب الحج (1)، من حديث أبي أسامة، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة - رضي الله تبارك وتعالى عنها - قالت: لما قدم
(١) (فتح الباري): ٤ / ١٢٤، كتاب فضائل المدينة، باب (12) بدون ترجمة، حديث رقم (1889)، وفيه بعد قوله صلى الله عليه وسلم: " وانقل حماها إلى الجحفة ": " قالت وقدمنا المدينة وهي أوبا أرض الله، فكان بطحان يجري نجلا، تعني ماء أجنا قوله: (قالت) يعني عائشة، والقائل عروة متصل. قوله: (وهي أوبا) بالهمز بوزن أفعل من الوباء مقصور يهمز ويغير همز هو المرض العام، ولا يعارض قدومهم عليها وهي بهذه الصفة نهيه صلى الله عليه وسلم، عن القدوم على الطاعون، لأن ذلك كان قبل النهي، أن النهي يختص بالطاعون ونحوه من الموت الذريع لا المرض ولو عم. قوله: (قالت فكان بطحان) يعني وادي المدينة وقولها: (يجري نجلا، تعني ماء آجنا) هو من تفسير الراوي، عنها، عرضها بذلك بيان السبب في كثرة الوباء بالمدينة، لأن الماء الذي هذه صفته يحدث، عندة المرض، وقيل: النخل الزيتون وزاي، يقال استنجل الوادي إذا ظهر نزوره. و " نجلا " بفتح النون وسكون الجيم وقد تفتح حكاه ابن التين، وقال ابن فارس: النجل بفتحيم سعة العين وليس هو المراد هنا، وقال ابن السكيت: النجل العين حين تظهر وينبع عين الماء. وقال الحربي نجلا أي واسعا، ومنه عين نجلاء أي واسعة، وقيل: هو الغدير الذي لا يزال فيه الماء. قوله: (تعني ماء آجنا) بفتح الهمزة وكسر الجيم بعدها نون أي متغيرا، قال عياض: هو خطأ ممن فسره فليس المراد هنا الماء المتغير. قلت: وليس كما قال فإن عائشة قالت ذلك في مقام التعليل لكون المدينة كانت وبيئة، ولا شك أن النجل إذا فسر بكونه الماء الحاصل من النز فهو بصدد أن يتغير " وإذا تغير كان استعماله مما يحدث الوباء في العادة.
أما أثر عمر فذكر ابن سعد سبب دعائه بذلك، وهو ما أخرجه بإسناد صحيح، عن عوف بن مالك أنه رأى رؤيا فيها أن عمر شهيد مستشهد، فقال لما قصها عليه أنى لي بالشهادة وأنا بين ظهراني جزيرة العرب لست أغزو والناس حولي ثم قال: بلى بها الله إن شاء.