ويتعجبون وهم لا يرونه، فلما انصرف أقبلوا ينفضون التراب عن رؤوسهم، ويتعجبون ويقولون: سحر من سحر محمد.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد، ومعه أبو بكر وعمر وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، إذ أقبل رجل من " بني زبيد " (1) وهو يقول:
يا معشر قريش، كيف تدخل عليكم " المادة أو يجلب إليكم جلب أو يحل تاجر بساحتكم " (2)، وأنتم تظلمون من دخل عليكم " في حرمكم " (3) وجعل يقف على الحلق حتى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه فقال له: من ظلمك؟ قال: أبو الحكم، طلب مني ثلاثة أجمال " كانت من خيرة " (4) إبلي فلم أبعه إياها بالوكس، فليس يبتاعها مني أحد اتباعا لمرضاته، فقد أكسد سلعتي وظلمني، فقال صلى الله عليه وسلم: وأين أجملك؟ قال: هي هذه بالحزورة، فابتاعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فباع منها جملين بالثمن الذي التمسه، ثم باع البعير الثالث، وأعطى ثمنه أرامل بني عبد المطلب، وأبو جهل جالس في ناحية من السوق لا يتكلم، ثم أقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عمرو! إياك أن تعود لمثل ما صنعت بهذا الأعرابي فترى مني ما تكره، فقال: لا أعود يا محمد.
فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه أمية بن خلف ومن حضره من المشركين فقالوا: لقد ذللت في يدي محمد كأنك تريد اتباعه، فقال: والله لا أتبعه أبدا، إنما كان انكساري عنه لما رأيت من سحره، لقد رأيت عن يمينه وشماله رجالا معهم رماح يشرعونها إلي، لو خالفته لكانت إياها،