إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٦ - الصفحة ٢٣٩
وقيل نسبة إلى فراقه التوضيع، وكقول عتبة بن ربيعة فيه: (سيعلم مصفر استه)، وفيه قيل:
الناس كنوه أبا حكم * والله كناه أبا جهل أبقت رئاسته لأسرته * يوم الفزوع ورقة الأصل وكان له يوم قتل سبعون سنة - لعنه الله - وله من الولد: عكرمة بن أبي جهل، أسلم، وأبو علقمة زرارة، وحاجب، واسمه تميم، وعلقمة، وأربع بنات، وانقرض عقبه.
والعاص بن هشام بن المغيرة، قتله عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم بدر كافرا (1)، وهشام بن العاص (2)، وسعيد بن العاص أسلم (3).

(١) (سيرة ابن هشام): ٣ / ٢٦٧.
(٢) هو هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، هو الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وكشف عن ظهره، ووضع يده على خاتم النبوة، فأخذ رسول الله يده فأزالها، ثم ضرب على صدره ثلاثا وقال: اللهم أذهب عنه الغل والحسد - ثلاث. وكان الأوقص، وهو محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن يحيى بن هشام بن العاص يقول: نحن أقل أصحابنا حسدا.
ومن طريق ابن شهاب، قال عمر لسعيد بن العاص الأموي: ما قتلت أباك؟ إنما قتلت خالي العاص ابن هشام. (الإستيعاب): ٤ / ١٥٤٠، ترجمة رقم (٢٦٨٤)، (الإصابة): ٦ / ٢٥٤٢، ترجمة رقم (٨٩٧٣).
(٣) هو سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، أبو عثمان، أمه أم كلثوم بنت " عمرو " بن عبد الله بن أبي قيس بن عمرو العامرية، ولم يكن للعاص ولد غير سعيد المذكور. قال ابن أبي حاتم، عن أبيه: له صحبة. قال الحافظ في (الإصابة): كان له يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين، وقتل أبوه يوم بدر، قتله علي، ويقال: إن عمر قال لسعيد بن العاص: لم أقتل أباك، وإنما قتلت خالي العاص بن هشام. فقال: ولو قتلته لكنت على الحق وكان على الباطل، فأعجبه قوله.
وكان من فصحاء قريش، ولهذا ندبه عثمان فيمن ندب لكتابة القرآن، قال ابن أبي داود في (المصاحف): حدثنا العباس بن الوليد، حدثنا أبي، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، أن عربية القرآن أقيمت على لسان سعيد بن العاص، لأنه كان أشبههم لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وولي الكوفة، وغزا طبرستان ففتحها، وغزا جرجان، وكان في عسكره حذيفة وغيره من كبار الصحابة، وولي المدينة لمعاوية.
وله حديث في الترمذي من رواية أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده، إن كان الضمير يعود على موسى.
وروى الزبير، من طريق عبد العزيز بن أبان، عن خالد بن سعيد عن أبيه، عن ابن عمر، قال:
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة، فقالت: إني نذرت أن أعطي هذه البردة لأكرم العرب، فقال:
أعطيها لهذا الغلام، وهو واقف، يعني سعيدا هذا. قال الزبير: والثياب السعدية تنسب إليه.
وذكر ابن سعد في ترجمته قصة ولايته على الكوفة بعد الوليد بن عقبة لعثمان، وشكوى أهل الكوفة منه، وعزله مطولا. وكان معاوية عاتبه على تخلفه عنه في حروبه، فاعتذر، ثم ولاه المدينة، فكان يعاقب بينه وبين مروان في ولايتها.
وروى ابن أبي خيثمة، من طريق يحيى بن سعيد، قال: قدم محمد بن عقيل بن أبي طالب على أبيه، فقال له: من أشرف الناس؟ قال: أنا وابن أمي، وحسبك بسعيد بن العاص.
وقال معاوية: كريمة قريش سعيد بن العاص، وكان مشهورا بالكرم والبر، حتى كان إذا سأله سائل وليس عنه ما يعطيه كتب له بما يريد أن يعطيه مسطورا، فلما مات كان عليه ثمانون ألف دينا، فوفاها عنه ولده عمرو الأشدق.
وحج سعيد بالناس في سنة تسع وأربعين، أو سنة اثنتين وخمسين، ولبث بعدها. وروي عن صالح ابن كيسان، قال: كان سعيد بن العاص حليما وقورا، وكان إذا أحب شيئا أو أبغضه لم يذكر ذلك، ويقول: إن القلوب تتغير، فلا ينبغي للمرء أن يكون مادحا اليوم، عائبا غدا.
ومن محاسن كلامه: لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا تمازح الدنئ فتهون عليه. ذكره في (المجالسة) من طريق أبي عبيدة، وأخرجه ابن أبي الدنيا من وجه آخر عن ابن المبارك.
ومن كلامه: موطنان لا أعتذر من العي فيهما: إذا خاطبت جاهلا، أو طلبت حاجة لنفسي، ذكره في (المجالسة)، من طريق الأصمعي. وقال مصعب الزبيري: كان يقال له: عكة العسل. وقال الزبير ابن بكار: مات سعيد في قصره بالعقيق سنة ثلاث وخمسين. له ترجمة في: (الإصابة):
٣ / ١٠٧ - ١٠٩، ترجمة رقم (٣٢٧٠)، (الإستيعاب): ٢ / ٦٢١ - ٦٢٤، ترجمة رقم (٩٨٧)، (طبقات ابن سعد): ٥ / ١٩ - ٢١، (أسماء الصحابة الرواة): ٣٧٢، ترجمة رقم (٦٠٨)، (تلقيح الفهوم): ٣٨١، (سير أعلام النبلاء): ٣ / ٤٤٤ - ٤٤٩، ترجمة رقم (٨٧)، (الوافي بالوفيات):
15 / 227، (جمهرة أنساب العرب): 80، (الجرح والتعديل): 4 / 48، (تهذيب الأسماء واللغات): 1 / 218، (شذرات الذهب): 1 / 65.
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست