وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيه أبو البحتري العاص بن هاشم بن أسد بن عبد العزى بن قصي (١)، وكان أقل الناس أذى له، فأنكر وجهه، فسأله عن خبره، فأخبره به، وكان معه سوط، فأتى أبا جهل فعلاه به، فتشاور بنو مخزوم وبنو أسد بن عبد العزى، فقال أبو جهل: ويلكم، إنما يريد محمد أن يلقي بينكم العداوة (٢).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة: يا ابن إبان، ما أنت بمقصر عما ترى، فقال:
لا، حتى تدع ما أنت عليه، فقال والله لتنتهين أو لتحلن بك قارعة.
وقال أبو جهل: والله لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن رقبته، فبلغه أنه يصلي، فأقبل مسرعا فقال: ألم أنهك يا محمد عن الصلاة، فانتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أتنتهرني وتهددني وأنا أعز أهل البطحاء؟ فسمعه العباس ابن عبد المطلب فغضب وقال: كذبت، فنزلت: ﴿أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى﴾ (٣)، يعني أبا جهل، ﴿أرأيت إن كان على الهدى﴾ (4)، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم (5).
وقال أبو جهل: يا محمد، ابعث لنا رجلين أو ثلاثة من آبائنا ممن قد مات، فلست بأهون على الله من عيسى فيما تزعم، فقد كان عيسى يفعل