يمر وقت الفجر على بيت فاطمة عليها السلام فينادي: الصلاة يا أهل البيت:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا): رواه الترمذي وغيره وهو تفسير منه (صلى الله عليه وسلم) لأهل البيت بفاطمة ومن في بيتها، وهو نص، وأنص منه حديث أم سلمة أنه (صلى الله عليه وسلم) أرسل خلف فاطمة وعلي وولديهما، فجاءوا فأدخلهم تحت الكساء، ثم جعل يقول: اللهم إليك لا أبالي بالنار أنا وأهل بيتي، اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، وفي رواية: حامتي، اللهم أذهب عنهم الرجس [وطهرهم] تطهيرا، قالت أم سلمة: فقلت: يا رسول الله، ألست من أهل بيتك؟ قال: أنت إلى خير، أنت منهم.
وأما الإجماع: فلأن الأمة اتفقت على أن لفظ أهل البيت إذا أطلق إنما ينصرف إلى من ذكرناه دون النساء، ولو لم يكن إلا شهرته فيهم كفى، وإذا ثبت بما ذكرناه من النص والإجماع أن أهل البيت علي وزوجته وولداه، فما استدللتم به من سياق الآية ونظمه على خلافه لا يعارضه، لأنه مجمل يحتمل الأمرين، وقصارها أنه ظاهر فيما ادعيتم لا يعارضه النص والإجماع، ثم إن الكلام العربي يدخله الاستطراد [والاعتراض، والتخلل] الجملة الأجنبية بين الكلام المنتظم المتناسب كقوله تعالى:
﴿إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون * وإني مرسلة إليهم بهدية﴾ (١)، فقوله: (وكذلك يفعلون) جملة معترضة من جهة الله تعالى بين كلام بلقيس، وقوله تعالى: ﴿فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه لقرآن كريم﴾ (2)، أي لا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقرآن، وما بينهما اعتراض، وهو كثير في القرآن وغيره من الكلام العربي، فلم لا يجوز أن يكون قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) جملة معترضة متخللة لخطاب نساء النبي (صلى الله عليه وسلم) على هذا النهج، وحينئذ يضعف اعتراضكم.
وأما ما ذكرناه من اختيار الآحاد، فإنما أكدنا به دليل الكتاب، ثم هي لازمة لكم، فنحن أوردناها إلزاما لا استدلالا.