وقال في آخره: إنما يأكل آل محمد من هذا المال، والله لقرابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحب إلي أن أصل من قرابتي، وذكره في كتاب الفئ، أطول من هذا وأشبع من حديث عقيل وصالح بن كيسان ومعمر، وهي كلها مما اتفقا عليه، وقوله:
إنما يأكل آل محمد من هذا المال، يعني مال الله، ليس لهم أن يزيدوا على المأكل، قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لهم خواص: منها حرمان الصدقة، ومنها أنهم لا يرثونه، ومنها استحقاقهم خمس الخمس، ومنها اختصاصهم بالصلاة عليه.
وقد ثبت أن تحريم الصدقة، واستحقاق خمس الخمس، وعدم توريثهم، يختص ببعض أقاربه (صلى الله عليه وسلم)، فكذلك الصلاة على آله خاصة ببعضهم غير عامة لهم.
وخرج مسلم من حديث مالك عن الزهري، أن عبد الله بن عبد الله بن نوفل ابن الحارث بن عبد المطلب، حدثه أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث حدثه قال: اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين - قال لي وللفضل بن عباس - إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكلماه فأمرهما على هذه الصدقات فأديا ما يؤدى الناس وأصابا ما تصيبه الناس.
قال: فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه فوقف عليهما، فذكرا له ذلك، فقال علي: لا تفعلا [فوالله] (1) ما هو بفاعل، فانتحاه ربيعة بن الحارث فقال: والله ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا، فوالله لقد نلت صهر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فما نفسناه عليك، قال علي: أرسلوهما، فانطلقا واضطجع علي، قال: فلما صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الظهر سبقناه إلى الحجرة، فقمنا عندها حتى جاء فأخذ بآذاننا ثم قال: أخرجا ما تصررانه، ثم دخل ودخلنا عليه وهو يومئذ عند زينب بنت جحش.
قال: فتواكلنا الكلام ثم تكلم أحدنا فقال: يا رسول الله، أنت أبر الناس وأوصل الناس، وقد بلغنا النكاح فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات، فنؤدي إليك كما يؤدي الناس ونصيب كما يصيبون.