فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوه عليا رد الله مكرهم فقالوا: أين صاحبك؟
قال: لا أدري، فاقتفوا (1) أثره، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم الأمر، فصعدوا في الجبل فمروا بالغار، فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا: لو دخل ها هنا لم يكن ينسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه (1) ثلاثا (2).
وخرج من طريق الواقدي قال: فحدثني موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه قال: لما فقدت قريش النبي (صلى الله عليه وسلم)، طلبوه بمكة في أعلاها وأسفلها، وبعثوا إلى قائفين (3) يتبعان أثره: أحدهما كرز بن علقمة، والآخر رجل من خزاعة، فذهب الخزاعي قبل حراء أو ثور.، وذهب كرز بن علقمة فأصاب أثره قبل ثور، فلم يزل عليه يتبعه، فلما انتهوا إلى ثور انقطع أثره ومعه جماعة.
قال: وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين دخل الغار، ضرب العنكبوت على بابه بعشاش بعضها على بعض، فلما انتهوا إلى الغار قال قائل منهم: أدخل الغار، فقال أمية بن خلف: وما أربكم إلى الغار؟ إن عليه لعنكبوت كان قبل ميلاد [محمد]، ثم قام فبال في صدع الغار حتى سال بوله بين يدي النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر رضي الله عنه، فنهى النبي (صلى الله عليه وسلم) يومئذ عن قتل العنكبوت وقال: إنها جند من جنود الله.
وقال أبو جهل: أما والله إني لأحسبه قريبا يرانا، ولكن بعض سحره قد أخذ على أبصارنا، فانصرفوا، ورجع إليهم الخزاعي بين ثور وحراء (4).