وروى عثمان بن أبي شيبة، من حديث ابن نمير عن مجالد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: خرج أعرابي من بني سليم يتبدا في البرية، فإذا هو بضب فاصطاده، ثم جعله في كمه، وجاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فناداه: يا محمد! أنت الساحر؟ لولا أني أخاف أن قومي يسموني العجول لضربتك بسيفي هذا، فوثب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليبطش به، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): إجلس يا أبا حفص، فقد كاد الحليم أن يكون نبيا، ثم التفت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الأعرابي وقال له: أسلم تسلم من النار، فقال: واللات والعزى لا أؤمن بك حتى يؤمن بك هذا الضب، ثم رمى الضب عن كمه، فولى الضب هاربا، فناداه رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أيها الضب! أقبل، فأقبل، فقال له: من أنا؟ قال: أنت محمد بن عبد الله، ثم أنشأ الضب يقول:
ألا يا رسول الله إنك صادق * فبوركت مهديا وبوركت هاديا شرعت لنا دين الحنيفة بعد ما * عبدنا كأمثال الحمير الطواغيا فيا خير مدعو ويا خير مرسل * إلى الجن ثم الإنس لبيك داعيا أتيت ببرهان من الله واضح * فأصبحت فينا صادق القول واعيا فبوركت في الأحوال حيا وميتا * وبوركت مولودا وبوركت ناشيا ثم سكت الضب، فقال الأعرابي: واعجبا! ضبا اصطدته من البر، ثم أتيت [به في] كمي، يكلم محمدا هذا الكلام، ويشهد له بهذه الشهادة، أنا لا أطلب أثرا بعد عين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فأسلم وحسن إسلامه، ثم التفت النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى أصحابه فقال: ألا علموا الأعرابي سورا من القرآن (1).