إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٥ - الصفحة ١٦٨
أكل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأكل أهل البيت، وأفضلوا ما بلغ (1) جيرانهم (2).
وخرج من حديث حجاج بن الشاعر، عن موسى بن محمد المؤدب قال:
حدثنا حرب بن ميمون، عن النضر بن أنس، عن أنس قال: قالت أم سليم:
اذهب إلى نبي الله (صلى الله عليه وسلم) إن رأيت أن تغدى عندنا فافعل، فقال: ومن عندي؟
فقلت: نعم، قال: فجئت فدخلت على أم سليم وأنا مدهش لمن أقبل مع نبي الله (صلى الله عليه وسلم)، فقالت أم سليم: ما صنعت يا أنس؟ فدخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على أثر ذلك، فذكرت له الذي أرسلتني إليك، وهذا غداؤك، قال: هل عندك من سمن؟ قالت:
نعم، قد كان عندي منه عكة، وفيها شئ من سمن.
قال: فأتها، قال: فجئته بها، ففتح رباطها فقال: بسم الله، اللهم أعظم فيه البركة، فقال: أقلبيها، فأقلبتها، فعصرها نبي الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يسمي، فأخذت [منها] (3)، قدر، فأكل منها بضع وثمانون رجلا وفضل منها، فدفعها إلى أم سليم فقال: كلي وأطعمي جيرانك (4).

(1) كذا في (خ)، وفي (صحيح مسلم): " ما أبلغوا جيرانهم ".
(2) (المرجع السابق): 233.
(3) هذه الكلمة مطموسة في (خ)، ولعل الصواب يناسب السياق.
(4) (المرجع السابق): 234 - 235 مختصرا جدا عن (خ)، قوله (صلى الله عليه وسلم): " أرسلك أبو طلحة فقلت:
نعم "، وقوله (صلى الله عليه وسلم): " الطعام فقلت: نعم "، هذان علمان من أعلام النبوة، وذهابه (صلى الله عليه وسلم) بهم علم ثالث، وتكثير الطعام علم رابع.
* وفيه ما تقدم من حديث أبي هريرة وحديث جابر من ابتلاء الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه، والاختبار بالجوع وغيره من المشاق ليصبروا، فيعظم أجرهم ومنازلهم، * وفيه ما كانوا عليه من كتمان ما بهم. * وفيه ما كانت الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - عليه من الاعتناء بأحوال رسول الله (صلى الله عليه وسلم). * وفيه استحباب بعث الهدية وإن كانت قليلة بالنسبة إلى مرتبة المبعوث إليه، لأنها وإن قلت فهي خير من العدم. * وفيه جلوس العالم لأصحابه يفيدهم ويؤدبهم، واستحباب ذلك في المساجد.
* وفيه انطلاق صاحب الطعام بين يدي الضيفان، وخروجه ليتلقاهم. * وفيه منقبة لأم سليم رضي الله تعالى عنها، ودلالة على عظيم فقهها، ورجحان عقلها، لقولها: الله ورسوله أعلم، ومعناه أنه قد عرف الطعام، فهو أعلم بالمصلحة، فلو لم يعلمها في مجئ الجمع العظيم لم يفعلها فلا تحزن من ذلك. * وفيه استحباب فت الطعام واختيار الثريد على الغمس باللقم.
وقوله (صلى الله عليه وسلم): " فإن الله سيجعل فيه البركة " * فيه علم ظهار من أعلام النبوة، وقوله (صلى الله عليه وسلم):
" ثم أكل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأكل أهل البيت " * فيه أنه يستحب لصاحب الطعام وأهله أن يكون أكلهم بعد فراغ الضيفان، والله تعالى أعلم. (مسلم بشرح النووي): 13 / 232 - 234 مختصرا.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست