ناقة النبي (صلى الله عليه وسلم) [القصواء]، فخرج أصحابه في طلبها، وعند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عمارة ابن حزم [عقبى بدري قتل يوم اليمامة شهيدا] (1)، وكان في رحله زيد بن أبي اللصيت أحد بني قينقاع، كان يهوديا فأسلم ونافق، وكان فيه خبث اليهود وغشهم - وكان مظاهرا لأهل النفاق - فقال زيد وهو في رحل عمارة، وعمارة عند النبي (صلى الله عليه وسلم):
أليس محمد يزعم أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء؟ وهو لا يدري أين ناقته!!.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن منافقا يقول: إن محمدا يزعم أنه نبي وهو يخبركم بأمر السماء؟ ولا يدري أين ناقته!! وإني والله لا أعلم إلا ما علمني الله، وقد دلني عليها، وهي في الوادي في شعب كذا وكذا - أشار لهم إليه - حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتوا بها، فذهبوا فجاءوا بها، فرجع عمارة بن حزم إلى رحله فقال: العجب من شئ حدثناه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) آنفا عن مقالة قائل أخبره الله عنه، قال: كذا وكذا للذي قال زيد، فقال رجل ممن كان في رحل عمارة ولم يحضر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قائل هذه المقالة زيد قبل أن يطلع علينا، قال: فأقبل عمارة على زيد بن اللصيت يجأه (2) في عنقه ويقول: والله إن في رحلي لداهية، وما أدري، أخرج يا عدو الله من رحلي.
وكان الذي أخبر عمارة بمقالة زيد أخوه عمرو بن حزم، وكان في الرحل مع رهط من أصحابه، والذي ذهب فجاء بالناقة من الشعب الحارث بن خزمة الأشهلي، وجدها وزمامها قد تعلق في شجرة، فقال زيد بن اللصيت: لكأني لم أسلم إلا اليوم، قد كنت شاكا في محمد، وقد أصبحت وأنا فيه ذو بصيرة، فأشهد أنه رسول الله، فزعم الناس أنه تاب، وكان خارجة بن زيد بن ثابت ينكر توبته ويقول: لم يزل فسلا (3) حتى مات (4).