الناس قال: وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها (1).
وله من حديث يونس عن ابن إسحاق، عن شيخ من أهل مصر، عن عكرمة عن ابن عباس قال: قام النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي فقال: يا معشر قريش، والله لقد نزل بكم أمر ما ابتليتم بمثله، لقد كان فيكم محمد غلاما حدثا، أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم: ساحر، لا والله ما هو بساحر، قد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم، وقلتم: شاعر، لا والله ما هو بشاعر، لقد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها، هزجه ورجزه وقريضه، وقلتم: مجنون، ولا والله ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه، يا معشر قريش! أنظروا في شأنكم، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم، وكان النضر من شياطين قريش ومن كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينصب له العداوة (2).
وخرج مسلم من حديث عبد [الأعلى] [وهو أبو همام (3)] قال: حدثنا داود عن عمرو بن سعيد عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه: أن ضمادا قدم مكة، وكان من أزد شنوئه، وكان يرقي من هذه الريح، فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون: إن محمد مجنون، فقال: لو أني رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي، قال: فلقيه فقال: يا محمد، إني أرقي من هذه الريح، وإن الله يشفي علي يدي من شاء، فهل لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمد عبده ورسوله، أما بعد، قال: فقال:
أعد علي كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال:
فقال: [لقد] (3) سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغن ناعوس البحر، فقال: هات يدك