بين زهرة ويثرب، قال: وما ذاك يا شاحب؟ قال: نبي السلام، بعث بخير الكلام، إلى جميع الأنام، فاخرج (1) من البلد الحرام إلى نخيل وآطام.
قال: ما هذا النبي المرسل، والكلام المنزل، والآي المفصل؟ قال: هذا رجل من لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، قال: هيهات، فات عن هذا سني، وذهب عنه زمني، لقد رأيتني والنضر بن كنانة نرمي غرضا واحدا، ونشرب حلبا باردا، ولقد خرجت معه من دومة في غداة شيمة، وطلع مع الشمس وغرب معها، نروي ما نسمع ونثبت ما ينضر، فلئن كان هذا من ولده فلقد سل السيف وذهب الحيف، ودحض الزنا وهلك الربا.
قال: فأخبرني ما تكون، قال: ذهبت الضراء المجاعة، والشدة والشجاعة، إلا بقية من خزاعة، وذهبت الضراء والبؤس، والحلق المنفوس، إلا بقية في الخزرج والأوس، وذهبت الخيلاء والفقر والنميمة والغدر، إلا بقية في بني بكر، وذهب الفعال المندم، والعمل المؤثم، إلا بقية في خثعم.
قال أخبرني ما يكون، قال: إذا غلت البرة، وكظمت الجرة، فاخرج من بلاد الهجرة، وإذا كف السلام وقطعت الأرحام، فاخرج من بلاد التهام.
قال أخبرني ما يكون، قال لولا أذن تسمع وعين تلمع، لأخبرتك بما تفزع، ثم صرصر وأضاء الفجر، فذهبت لأنظر، فإذا عصا وثعبان ميتان، قال: فما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة إلا بهذا الحديث.
وفي رواية عن سعد بن عبادة قال: لما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم [بيعة] (2) العقبة، خرجت إلى حضرموت لبعض الحاجة، فقضيت حاجتي ثم أقبلت حتى إذا كنت ببعض الطريق نمت، ففزعت من الليل بصائح يقول: أبا عمرو ناوبني السهود، فذكر مثله بطوله.
وله من حديث العطاف بن خالد الوابصي عن خالد بن سعيد عن أبيه