كلهم ولبس خلعة نيابة الشام الأمير علاء الدين المارداني، ومسك الأمير علم الدين بن زنبور وتولية الوزارة الصاحب موفق الدين (1). وفي صبيحة يوم السبت خامس [ذي] الحجة دخل الأمير علاء الدين علي الجمدار من الديار المصرية إلى دمشق المحروسة في أبهة هائلة، وموكب حافل مستوليا نيابة بها، وبين يديه الأمراء على العادة، فوقف عند تربة بهادرآص حتى استعرض عليه الجيش فلحقهم، فدخل دار السعادة فنزلها على عادة النواب قبله، جعله الله وجها مباركا على المسلمين.
وفي يوم السبت ثالث عشره قدم دوادار السلطان الأمير عز الدين مغلطاي من الديار المصرية فنزل القصر الأبلق، ومن عزمه الذهاب إلى البلاد الحلبية ليجهز الجيوش نحو بيبغا وأصحابه انتهى والله تعالى أعلم.
ثم دخلت سنة أربع وخمسين وسبعمائة استهلت هذه السنة وسلطان الاسلام بالديار المصرية والبلاد الشامية والمملكة الحلبية وما والاها والحرمين الشريفين الملك الصالح صلاح الدين صالح بن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون الصالحي، ونائبه بالديار المصرية الأمير سيف الدين قبلاي، والمشار إليهم في تدبير المملكة الأمراء سيف الدين شيخون، وسيف الدين طاز، وسيف الدين صرغتمش الناصري، وقضاة القضاء وكاتب السر هناك هم المذكورون في السنة الماضية، ونائب حلب الأمير سيف الدين أرغون الكاملي، لأجل مقاتلة أولئك الأمراء الثلاثة بيبغا وأمير أحمد وبكلمش الذين فعلوا ما ذكرنا في رجب من السنة الماضية، ثم لجأوا إلى بلاد البلبيسين في خفارة زلغادر التركماني، ثم إنه احتال عليهم من خوفه من صاحب مصر وأسلمهم إلى قبضة نائب حلب المذكور، ففرح المسلمون بذلك فرحا شديدا، ولله الحمد والمنة، ونائب طرابلس الأمير سيف الدين أيتمش الذي كان نائب دمشق كما ذكرنا، تقلبت به الأحوال حتى استنيب في طرابلس حين كان السلطان بدمشق كما تقدم.
واستهلت هذه السنة وقد تواترت الاخبار بأن الأمراء الثلاثة بيبغا وبكلمش وأمير أحمد قد حصلوا في قبضة نائب حلب الأمير سيف الدين أرغون، وهم مسجونون بالقلعة بها، ينتظر ما يرسم به فيهم، وقد فرح المسلمون بذلك فرحا شديدا. وفي يوم السبت سابع عشر المحرم وصل إلى دمشق الأمير عز الدين مغلطاي الدويدار عائدا من البلاد الحلبية، وفي صحبته رأس بيبغا الباغي أمكن الله منه بعد وصول صاحبيه بكلمش الذي كان نائبا بطرابلس، وأمير أحمد الذي كان نائب حماة فقطعت رؤوسهما بحلب بين يدي نائبها سيف الدين أرغون الكاملي، وسيرت إلى مصر، ولما وصل بعدهما فعل به كفعلهما جهرا بعد العصر بسوق الخيل بين يدي نائب السلطنة