أيضا. وجاءت مراسيمه فقرئت على السدة وفيها الرفق بالرعايا والامر بالاحسان إليهم، فدعوا له، وقدم الأمير جمال الدين آقوش الأفرم نائبا على دمشق، فدخلها يوم الأربعاء قبل العصر ثاني عشرين جمادى الأولى، فنزل بدار السعادة على العادة، وفرح الناس بقدومه، وأشعلوا له الشموع، وكذلك يوم الجمعة أشعلوا له لما جاء إلى صلاة الجمعة بالمقصورة. وبعد أيام أفرج عن جاعان ولاجين والي البر، وعادا إلى ما كانا عليه، واستقر الأمير حسام الدين الاستادار أتابكا للعساكر المصرية، والأمير سيف الدين سلار نائبا بمصر، وأخرج الأعسر في رمضان من الحبس وولي الوزارة بمصر، وأخرج قراسنقر المنصوري من الحبس وأعطي نيابة الصبيبة، ثم لما مات صاحب حماة الملك المظفر نقل قراسنقر إليها.
وكان قد وقع في أواخر دولة لاجين بعد خروج قبجق من البلد محنة للشيخ تقي الدين بن تيمية قام عليه جماعة من الفقهاء وأرادوا إحضاره إلى مجلس القاضي جلال الدين الحنفي، فلم يحضر فنودي في البلد في العقيدة التي كان قد سأله عنها أهل حماة المسماة بالحموية، فانتصر له الأمير سيف الدين جاعان، وأرسل يطلب الذين قاموا عنده فاختفى كثير منهم، وضرب جماعة ممن نادى على العقيدة فسكت الباقون، فلما كان يوم الجمعة عمل الشيخ تقي الدين الميعاد بالجامع على عادته، وفسر في قوله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) [القلم: 4] ثم اجتمع بالقاضي إمام الدين يوم السبت واجتمع عنده جماعة من الفضلاء وبحثوا في الحموية وناقشوه في أماكن فيها، فأجاب عنها بما أسكتهم بعد كلام كثير، ثم ذهب الشيخ تقي الدين وقد تمهدت الأمور، وسكنت الأحوال، وكان القاضي إمام الدين معتقده حسنا ومقصده صالحا.
وفيها وقف علم الدين سنجر الدويدار رواقه داخل باب الفرج مدرسة ودار الحديث، وولى مشيخته الشيخ علاء الدين بن العطار وحضر عنده القضاة والأعيان، وعمل لهم ضيافة، وأفرج عن قراسنقر. وفي يوم السبت حادي عشر شوال فتح مشهد عثمان الذي جدده ناصر الدين بن عبد السلام ناظر الجامع، وأضاف إليه مقصورة الخدم من شماليه، وجعل له إماما راتبا، وحاكي به مشهد علي بن الحسين زين العابدين. وفي العشر الأولى من ذي الحجة عاد القاضي حسام الدين الرازي إلى قضاء الشام، وعزل عن قضاء مصر، وعزل ولده عن قضاء الشام. وفيها في ذي القعدة كثرت الأراجيف بقصد التتر بلاد الشام وبالله المستعان.
وممن توفي فيها عن الأعيان:
الشيخ نظام الدين أحمد بن الشيخ جمال الدين محمود بن أحمد بن عبد السلام الحصري الحنفي، مدرس النورية ثامن المحرم، ودفن في تاسعه يوم الجمعة في مقابر الصوفية، كان فاضلا، ناب في الحكم