ألماس (1) الحاجب ظاهر القاهرة بالشارع، وخطب بالجامع الذي أنشأه قوصون (2) بين جامع طولون والصالحية، يوم الجمعة حادي عشر رمضان وحضر السلطان وأعيان الأمراء الخطبة، خطب به يومئذ قاضي القضاة جلال الدين القزويني الشافعي، وخلع عليه خلعة سنية، واستقل في خطابته بدر الدين بن شكري.
وخرج الركب الشامي يوم السبت حادي عشر شوال وأميره سيف الدين المرساوي صهر بلبان البيري، وقاضيه شهاب الدين ابن المجد عبد الله مدرس الاقبالية، ثم تولى قضاء القضاة كما سيأتي، وممن حج في هذه السنة رضي الدين بن المنطيقي، والشمس الأردبيلي شيخ الجاروخية (3) وصفي الدين بن الحريري، وشمس الدين ابن خطيب بيروذ، والشيخ محمد النيرباني وغيرهم، فلما قضوا مناسكهم رجعوا إلى مكة لطواف الوداع، فبينما هم في سماع الخطبة إذ سمعوا جلبة الخيل من بني حسن وعبيدهم، قد حطموا على الناس في المسجد الحرام، فثار إلى قتالهم الأتراك فاقتتلوا فقتل أمير من الطبلخانات بمصر، يقال له سيف الدين جخدار وابنه خليل، ومملوك له، وأمير عشيرة يقال له الباجي، وجماعة من الرجال والنساء ونهبت أموال كثيرة، ووقعت خبطة عظيمة في المسجد، وتهارب الناس إلى منازلهم بأبيار الزاهر، وما كادوا يصلون إليها وما أكملت الجمعة إلا بعد جهد، فإنا لله وإنا إليه راجعون. واجتمعت الأمراء كلهم على الرجعة إلى مكة للاخذ بالثأر منهم، ثم كروا راجعين وتبعهم العبيد حتى وصلوا إلى مخيم الحجيج، وكادوا ينهبون الناس عامة جهرة، وصار أهل البيت في آخر الزمان يصدون الناس عن المسجد الحرام، وبنو الأتراك هم الذين ينصرون الاسلام وأهله ويكفون الأذية عنهم بأنفسهم وأموالهم، كما قال تعالى (إن أولياؤه إلا المتقون) [الأنفال: 34].
وممن توفي فيها من الأعيان:
علاء الدين بن الأثير كاتب السر بمصر، علي بن أحمد بن سعيد بن محمد بن الأثير الحلبي الأصل، ثم المصري، كانت له حرمة ووجاهة وأموال وثروة ومكانة عند السلطان، حتى ضربه الفالج في آخر عمره فانعزل عن الوظيفة وباشرها ابن فضل الله في حياته.