الأمير الكبير يلبغا أن مركبا من هذه السبعة إلى صاحب قبرص، فأرسل إلى الفرنج يقول لهم: أن يسلموا هذه المركب فامتنعوا من ذلك وبادروا إلى مراكبهم، فأرسل في آثارهم ست (1) شواني مشحونة بالمقاتلة، فالتقوا هم والفرنج في البحر فقتل من الفريقين خلق ولكن من الفرنج أكثر وهربوا فارين بما معهم من البضائع، فجاء الأمير علي الذكان نائب دمشق أيضا في جيش مبارك ومعه ولده ومماليكه في تجمل هائل، فرجع الأمير علي واستمر نائب السلطنة حتى وقف على بيروت ونظر في أمرها، وعاد سريعا، وقد بلغني أن الفرنج جاؤوا طرابلس غزاة وأخذوا مركبا للمسلمين من المينا وحرقوه، والناس ينظرون ولا يستطيعون دفعهم ولا منعهم، وأن الفرنج كروا راجعين، وقد أسروا ثلاثة من المسلمين، فإنا لله وإنا إليه راجعون. انتهى والله أعلم.
مقتل يلبغا الأمير الكبير جاء الخبر بقتله إلينا بدمشق في ليلة الاثنين السابع عشر من ربيع الآخرة مع أسيرين جاءا على البريد من الديار المصرية، فأخبرا بمقتله في يوم الأربعاء ثاني عشر هذا الشهر: تمالا عليه مماليكه حتى قتلوه يومئذ، وتغيرت الدولة ومسك من أمراء الألوف والطبلخانات جماعة كثيرة، واختبطت الأمور جدا، وجرت أحوال صعبة، وقام بأعباء القضية الأمير سيف الدين طيتمر النظامي وقوي جانب السلطان ورشد، وفرح أكثر الأمراء بمصر بما وقع، وقدم نائب السلطنة إلى دمشق من بيروت فأمر بدق البشائر، وزينت البلد ففعل ذلك، وأطلقت الفرنج الذين كانوا بالقلعة المنصورة فلم يهن ذلك على الناس.
وهذا آخر ما وجد من التاريخ والحمد لله وحده، وصلواته على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم