عليه بدار الحديث الأشرفية في أيام الشتويات نحوا من خمسمائة جزء بالإجازات والسماع، وسماعه من الزبيدي وابن اللتي، وله إجازة من بغداد فيها مائة وثمانية وثلاثون شيخا من العوالي المسندين، وقد مكث مدة مقدم الحجارين نحوا من خمس وعشرين سنة، ثم كان يخيط في آخر عمره، واستقرت عليه جامكيته لما اشتغل بإسماع الحديث، وقد سمع عليه السلطان الملك الناصر، وخلع عليه وألبسه الخلعة بيده، وسمع عليه من أهل الديار المصرية والشامية أمم لا يحصون كثيرا، وانتفع الناس بذلك، وكان شيخا حسنا بهي المنظر سليم الصدر ممتعا بحواسه وقواه، فإنه عاش مائة سنة محققا، وزاد عليها، لأنه سمع البخاري من الزبيدي في سنة ثلاثين وستمائة وأسمعه هو في ثلاثين وسبعمائة في تاسع صفر بجامع دمشق، وسمعنا عليه يومئذ ولله الحمد، ويقال إنه أدرك موت المعظم عيسى بن العادل لما توفي، والناس يسمعهم يقولون مات المعظم، وقد كانت وفاة المعظم في سنة أربع وعشرين وستمائة، وتوفي الحجار يوم الاثنين خامس عشرين صفر من هذه السنة، وصلي عليه بالمظفري يوم الثلاثاء ودفن بتربة له عند زاوية الدومي، بجوار جامع الأفرم. وكانت جنازته حافلة رحمه الله.
الشيخ نجم الدين بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن أبي نصر المحصل المعروف بابن الشحام، اشتغل ببلده ثم سافر وأقام بمدينة سراي من مملكة إربل، ثم قدم دمشق في سنة أربع وعشرين فدرس بالظاهرية البرانية ثم بالجاروخية، وأضيف إليه مشيخة رباط القصر، ثم نزل عن ذلك لزوج ابنته نور الدين الأردبيلي، توفي في ربيع الأول وكان يعرف طرفا من الفقه والطب.
الشيخ إبراهيم الهدمة أصله كردي من بلاد المشرق، فقدم الشام، وأقام بين القدس والخليل، في أرض كانت مواتا فأحياها وغرسها وزرع فيها أنواعا، وكان يقصد للزيارة، ويحكي الناس عنه كرامات صالحة، وقد بلغ مائة سنة، وتزوج في آخر عمره ورزق أولادا صالحين توفي في جمادى الآخرة رحمه الله.
الست صاحبة التربة بباب الخواصين الخوندة المعظمة المحجة المحرمة:
ستيته بنت الأمير سيف الدين كركاي المنصوري، زوجة نائب الشام تنكز، توفيت بدار الذهب وصلي عليها بالجامع ثالث رجب، ودفنت بالتربة التي أمرت بإنشائها بباب الخواصين، وفيها مسجد وإلى جانبها رباط