كتب الحجاج وهم أخبروا بذلك. واشتهر في أواخر ذي الحجة أن نائب حلب الأمير سيف الدين أرغون الكاملي قد خرج عنها بمماليكه وأصحابه فرام الجيش الحلبي رده فلم يستطيعوا ذلك، وجرح منهم جراحات كثيرة، وقتل جماعة فإنا لله وإنا إليه راجعون، واستمر ذاهبا وكان في أمله فيما ذكر أن يتلقى سيف الدين يلبغا (1) في أثناء طريق الحجاز فيتقدم معه إلى دمشق، وإن كان نائب دمشق قد اشتغل في حصار صفد أن يهجم عليها بغتة فيأخذها، فلما سار بمن معه وأخذته القطاع من كل جانب ونهبت حواصله وبقي تجريدة في نفر يسير من مماليكه، فاجتاز بحماة ليهربه نائبها فأبى عليه، فلما اجتاز بحمص وطن نفسه على المسير إلى السلطان بنفسه، فقدم به نائب حمص وتلقاه بعض الحجاب وبعض مقدمي (2) الألوف ودخل يوم الجمعة بعد الصلاة سابع عشرين الشهر، وهو في أبهة، فنزل بدار السعادة في بعض قاعات الدويدارية انتهى.
ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة استهلت هذه السنة وسلطان البلاد الشامية والديار المصرية والحرمين الشريفين وما يلحق بذلك من الأقاليم والبلدان، الملك الناصر حسن بن السلطان الملك محمد بن السلطان الملك المنصور قلاوون الصالحي، ونائبه بالديار المصرية يلبغا (1) الملقب بحارس الطير، وهو عوضا عن الأمير سيف الدين يلبغا (1) أروش الذي راح إلى بلاد الحجاز، ومعه جماعة من الأمراء بقصد الحج الشريف، فعزله السلطان في غيبته وأمسك على شيخون واعتقله وأخذ منجك الوزير، وهو أستاذ دار ومقدم ألف، واصطفى أمواله، واعتاض عنه وولى مكانه في الوزارة القاضي علم الدين بن زينور (3)، واسترجع إلى وظيفة الدويدارية الأمير سيف الدين طسبغا الناصري، وكان أميرا بالشام مقيما منذ عزل إلى أن أعيد في أواخر السنة كما تقدم. وأما كاتب السر بمصر وقضاتها فهم المذكورون في التي قبلها.
واستهلت هذه السنة ونائب صفد قد حصن القلعة وأعد فيها عدتها وما ينبغي لها من الأطعمات والذخائر والعدد والرجال، وقد نابذ المملكة وحارب، وقد قصدته العساكر من كل جانب من الديار المصرية ودمشق وطرابلس وغيرها، والاخبار قد ضمنت عن يلبغا (1) ومن معه ببلاد الحجاز ما يكون من أمره، ونائب دمشق في احتراز وخوف من أن يأتي إلى بلاد الشام فيدهمها بمن معه، والقلوب وجلة من ذلك، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وفيها ورد الخبر أن صاحب اليمن