على المشايخ الكثيرين، وخرجت له مشيخات، وكان شيخا حسنا لطيفا مطيقا، توفي بمكة بعد خروج الحجيج بأربعة أيام رحمه الله. وفيها توفي:
صاحب مكة الشريف أبو نمى محمد بن الأمير أبي سعد حسن بن علي بن قتادة الحسني صاحب مكة منذ أربعين سنة، وكان حليما وقورا ذا رأي وسياسة وعقل ومرؤة. وفيها ولد كاتبه إسماعيل بن عمر ابن كثير القرشي المصري الشافعي عفا الله عنه، والله سبحانه أعلم.
ثم دخلت سنة اثنتين وسبعمائة من الهجرة استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها، وفي يوم الأربعاء ثاني (1) صفر فتحت جزيرة أرواد بالقرب من أنطرسوس، وكانت من أضر الأماكن على أهل السواحل، فجاءتها المراكب من الديار المصرية في البحر وأردفها جيوش طرابلس، ففتحت ولله الحمد نصف النهار، وقتلوا من أهلها قريبا من ألفين، وأسروا قريبا من خمسمائة، وكان فتحها من تمام فتح السواحل، وأراح الله المسلمين من شر أهلها. وفي يوم الخميس السابع عشر من شهر صفر وصل البريد إلى دمشق فأخبر بوفاة قاضي القضاة ابن دقيق العيد، ومعه كتاب من السلطان إلى قاضي القضاة ابن جماعة، فيه تعظيم له واحترام وإكرام يستدعيه إلى قربه ليباشر وظيفة القضاء بمصر على عادته فتهيأ لذلك، ولما خرج خرج معه نائب السلطنة الأفرم وأهل الحل والعقد، وأعيان الناس ليودعوه، وستأتي ترجمة ابن دقيق العيد في الوفيات، ولما وصل ابن جماعة إلى مصر أكرمه السلطان إكراما زائدا، وخلع عليه خلعة صوف وبغلة تساوي ثلاثة آلاف درهم، وباشر الحكم بمصر يوم السبت رابع ربيع الأول، ووصلت رسل التتار في أواخر ربيع الأول (2) قاصدين بلاد مصر، وباشر شرف الدين الفزاري مشيخة دار الحديث الظاهرية يوم الخميس ثامن ربيع الآخر عوضا عن شرف الدين الناسخ، وهو أبو حفص عمر بن محمد بن حسن بن خواجا إمام الفارسي، توفي بها عن سبعين سنة، وكان فيه بر ومعروف وأخلاق حسنة، رحمه الله.
وذكر الشيخ شرف الدين المذكور درسا مفيدا وحضر عنده جماعة من الأعيان، وفي يوم الجمعة حادي عشر جمادى الأولى خلع على قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى بقضاء الشام عوضا عن ابن جماعة، وعلى الفارقي بالخطابة، وعلى الأمير ركن الدين بيبرس العلاوي (3) بشد