فحلفوا واتفقوا على السمع والطاعة والاستمرار على ذلك. وفي ليلة الأربعاء سابع عشر رجب جاءت الجبلية الذين جمعوهم من البقاع لأجل حفظ ثنية العقاب من قدوم العساكر الحلبية، ومن معهم من أهل طرابلس وحماة، وكان هؤلاء الجبلية قريبا من أربعة آلاف، فحصل بسببهم ضرر كثير على أهل برزة وما جاورهم من الثمار وغيرها.
وفي يوم السبت والعشرين منه ركب نائب السلطنة سيف الدين أرغون ومعه الجيوش الدمشقية قاصدين ناحية الكسوة ليلا يقاتلون المسلمين ولم يبق في البلد من الجند أحد، وأصبح الناس وليس لهم نائب ولا عسكر، وخلت الديار منهم، ونائب الغيبة الأمير سيف الدين الجي بغا العادلي، وانتقل الناس من البساتين ومن طرف العقيبة وغيرها إلى المدينة، وأكثر الأمراء نقلت حواصلهم وأهاليهم إلى القلعة المنصورة، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ولما اقترب دخول الأمير بيبغا بمن معه انزعج الناس وانتقل أهل القرى الذين في طريقه، وسرى ذلك إلى أطراف الصالحية والبساتين وحواضر البلد، وغلقت أبواب البلد إلى ما يلي القلعة، كباب النصر وباب الفرج، وكذا باب الفراديس، وخلت أكثر المحال من أهاليهم، ونقلوا حوائجهم وحواصلهم وأنعامهم إلى البلد على الدواب والحمالين، وبلغهم أن أطراف الجيش انتهبوا ما في القرايا في طريقهم من الشعير والتبن وبعض الانعام للاكل. وربما وقع الفساد غير هذا من بعض الجهلة، فخاف الناس كثيرا وتشوشت خواطرهم انتهى.
دخول بيبغا أروش إلى دمشق ولما كان يوم الأربعاء (1) الرابع والعشرين من رجب دخل الأمير سيف الدين بيبغا أروش نائب حلب إلى دمشق المحروسة بمن معه من العساكر الحلبية وغيرهم وفي صحبته نائب طرابلس الأمير سيف الدين بكلمش، ونائب حماة الأمير شهاب الدين أحمد، ونائب صفد الأمير علاء الدين طيبغا، ملقب برتاق، وكان قد توجه قبله، قيل بيوم، ومعه نواب قلاع كثيرة من بلاد حلب وغيرها، في عدد كثير من الأتراك والتركمان، فوقف في سوق الخيل مكان نواب السلطان تحت القلعة، واستعرض الجيوش الذين وفدوا معه هنالك، فدخلوا في تجمل كثير، ملبسين، وكان عدة من كان معه من أمراء الطبلخانات قريبا من ستين أميرا أو يزيدون أو ينقصون، على ما استفاض عن غير واحد ممن شاهد ذلك، ثم سار قريبا من الزوال للمخيم الذي ضرب له قبل مسجد القدم عند قبة يلبغا، عند الجدول الذي هنالك، وكان يوما مشهودا هائلا، لما عاين الناس من كثرة الجيوش والعدد، وعذر كثير من الناس صاحب دمشق في ذهابه بمن معه لئلا يقابل هؤلاء. فنسأل الله أن يجمع قلوبهم على ما فيه صلاح المسلمين. وقد أرسل إلى نائب القلعة وهو