ابن نور الدين علي بن غازي من قرية اللبوة من الكلام السئ الذي نال من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبه وقذفه بكلام لا يليق ذكره، فقتل لعنة الله يومئذ بعد أذان العصر بسوق الخيل وحرقه الناس وشفى الله صدور قوم مؤمنين ولله الحمد والمنة.
وفي صبيحة يوم الأحد رابع عشر شعبان درس القاضي بهاء الدين أبو البقاء السبكي بالمدرسة القيمرية نزل له عنها ابن عمه قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب ابن قاضي القضاة تقي الدين السبكي وحضر عنده القضاة والأعيان، وأخذ في قوله تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) [الحشر: 9] وصلي في هذا اليوم بعد الظهر على الشيخ الشاب الفاضل المحصل جمال الدين عبد الله بن العلامة شمس الدين بن قيم الجوزية الحنبلي، ودفن عند أبيه بمقابر باب الصغير، وكانت جنازته حافلة، وكانت لديه علوم جيدة، وذهنه حاضر خارق، أفتى ودرس وأعاد وناظر وحج مرات عديدة رحمه الله وبل بالرحمة ثراه.
وفي يوم الاثنين تاسع عشر شوال وقع حريق هائل في سوق القطانين بالنهار، وذهب إليه نائب السلطنة والحجبة والقضاة حتى اجتهد الفعول والمتبرعون في إخماده وطفيه، حتى سكن شره وذهب بسببه الدكاكين ودور كثيرة، جدا فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقد رأيته من الغد والنار كما هي عمالة والدخان صاعد والناس يطفونه بالماء الكثير الغمر والنار لا تخمد، لكن هدمت الجدران وخربت المساكن وانتقل السكان انتهى والله أعلم.
ثم دخلت سنة سبع وخمسين وسبعمائة استهلت هذه السنة وسلطان البلاد بالديار المصرية والشامية والحرمين وغير ذلك الملك الناصر حسن بن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون الصالحي، ولا نائب ولا وزير بمصر، وإنما يرجع تدبير المملكة إلى الأمير سيف الدين شيخون، ثم الأمير سيف الدين صرغتمش، ثم الأمير عز الدين مغلطاي الدوايدار، وقضاة مصر هم المذكورون في التي قبلها سوى الشافعي فإنه ابن المتوفي قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي، ونائب حلب الأمير سيف الدين طاز، وطرابلس الأمير سيف الدين منجك، وبصفد الأمير شهاب الدين بن صبح، وبحماة يدمر العمري، وبحمص علاء الدين بن المعظم، وببعلبك الأمير ناصر الدين الأقوس.
وفي العشر الأول من ربيع الأول تكامل اصلاح بلاط الجامع الأموي وغسل فصوص المقصورة والقبة، وبسط بسطا حسنا، وبيضت أطباق القناديل، وأضاء حاله جدا، وكان المستحث على ذلك الأمير علاء الدين أيدغمش أحد أمراء الطبلخانات، بمرسوم نائب السلطنة له في ذلك.