وعليهما الخلع، ونزل عز الدين بن جماعة عن دار الحديث الكاملية لصاحبه الشيخ عماد الدين الدمياطي، فدرس فيها وأورد حديث " إنما الأعمال بالنيات ". بسنده، وتكلم عليه. وعزل أكثر نواب الحكم واستمر بعضهم، واستمر بالمنادي الذي أشار بتوليته. ولما كان يوم خامس عشرين منه ولي قضاء الحنابلة الامام العالم موفق الدين أبو محمد عبد الله بن محمد عبد الملك المقدسي عوضا عن المعزول، ولم يبق من القضاة سوى الأخنائي المالكي.
وفي رمضان فتحت الصبابية التي أنشأها شمس الدين بن تقي الدين بن الصباب التاجر دار قرآن ودار حديث، وقد كانت خربة شنيعة قبل ذلك. وفي رمضان باشر علاء الدين علي ابن القاضي محيي الدين بن فضل الله كتابة السر بمصر بعد وفاة أبيه كما سيأتي ترجمته، وخلع عليه وعلى أخيه بدر الدين، ورسم لهما أن يحضرا مجلس السلطان، وذهب أخوه شهاب الدين إلى الحج.
وفي هذا الشهر سقط بالجانب الغربي من مصر برد كالبيض وكالرمان، فأتلف شيئا كثيرا، ذكر ذلك البرزالي ونقله من كتاب الشهاب الدمياطي. وفي ثالث عشرين رمضان درس بالقبة المنصورية بمشيخة الحديث شهاب الدين العسجدي عوضا عن زين الدين الكناني توفي، فأورد حديثا من مسند الشافعي بروايته عن الجاولي بسنده، ثم صرف عنها بالحجة بالشيخ أثير الدين أبي حيان، فساق حديثا عن شيخه ابن الزبير ودعا للسلطان وحضر عنده القضاة والأعيان، وكان مجلسا حافلا. وفي ذي القعدة حضر تدريس الشامية البرانية قاضي القضاة شمس الدين بن النقيب عوضا عن القاضي جمال الدين بن جملة توفي، وحضر خلق كثير من الفقهاء والأعيان، وكان مجلسا حافلا. وفي ثاني ذي الحجة درس بالعادلية الصغيرة تاج الدين عبد الرحيم ابن قاضي القضاة جلال الدين القزويني عوضا عن الشيخ شمس الدين بن النقيب بحكم ولايته الشامية البرانية، وحضر عنده القضاة والأعيان. وفي هذا الشهر درس القاضي صدر الدين بن القاضي جلال الدين بالاتابكية، وأخوه الخطيب بدر الدين بالغزالية والعادلية نيابة عن أبيه. انتهى والله أعلم.
وممن توفي فيها من الأعيان:
الأمير الكبير بدر الدين محمد بن فخر الدين عيسى بن التركماني باني جامع المقياس بديار مصر في أيام وزارته بها، ثم عزل أميرا إلى الشام، ثم رجع إلى مصر إلى أن توفي بها في خامس ربيع الآخرة، وكان مشكورا رحمه الله. انتهى.