ملكهم - هدموا سور دمشق فوجدوا حجرا مكتوبا عليه باليونانية، فجاء راهب فقرأه لهم، فإذا هو مكتوب عليه: ويك أرم الجبابرة من رامك بسوء قصمه الله، إذا وهى منك جيرون الغربي من باب البريد وتلك من خمسة أعين ينقض سورك على يديه، بعد أربعة آلاف سنة تعيشين رغدا، فإذا وهى منك جيرون الشرقي أؤمل لك ممن يعوض لك، قال: فوجدنا الخمسة أعين عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، عين بن عين بن عين بن عين بن عين، فهذا يقتضي أنه كان بسورها سنينا إلى حين إخراجه على يد عبد الله بن علي أربعة آلاف سنة، وقد كان إخرابه له في سنة ثنتين وثلاثين ومائة كما ذكرنا في التاريخ الكبير، فعلى هذا يكون لهذا الباب إلى يوم خرب من هذه السنة - أعني سنة ثنتين وثلاثين ومائة - أربعة آلاف وستمائة وإحدى وعشرين سنة، والله أعلم.
وقد ذكر ابن عساكر عن بعضهم أن نوحا عليه السلام هو الذي أسس دمشق بعد حران وذلك بعد مضي الطوفان، وقيل بناها دمسغس غلام ذي القرنين عن إشارته، وقيل عاد (1) الملقب بدمشق وهو غلام الخليل، وقيل غير ذلك من الأقوال، وأظهرها أنها من بناء اليونان، لان محاريب معابدها كانت موجهة إلى القطب الشمالي، ثم كان بعدهم النصارى فصلوا فيها إلى الشرق، ثم كان فيها بعدهم أجمعين أمة المسلمين فصلوا إلى الكعبة المشرفة. وذكر ابن عساكر وغيره: أن أبوابها كانت سبعة كل منها يتخذ عنده عيد لهيكل من الهياكل السبعة، فباب القمر باب السلامة، وكانوا يسمونه باب الفراديس الصغير، ولعطارد باب الفراديس الكبير، وللزهرة باب توما، وللشمس الباب الشرقي، وللمريخ باب الجابية، وللمشتري باب الجابية الصغير، ولزحل باب كيسان.
وفي أوائل شهر رجب الفرد اشتهر أن نائب حلب بيبغا (2) أروش اتفق مع نائب طرابلس بكلمش، ونائب حلب أمير أحمد بن مشد الشريخانة على الخروج عن طاعة السلطان (3) حتى يمسك شيخون وطاز، وهما عضدا الدولة بالديار المصرية، وبعثوا إلى نائب دمشق وهو الأمير سيف الدين أرغو الكاملي فأبى عليهم ذلك، وكاتب إلى الديار المصرية بما وقع من الامر، وانزعج الناس لذلك، وخافوا من غائلة هذا الامر وبالله المستعان. ولما كان يوم الاثنين ثامن الشهر جمع نائب السلطنة الأمراء عنده بالقصر الأبلق واستحلفهم بيعة أخرى لنائب السلطنة الملك الصالح،