وأصحابه الذين خرجوا معه من الاحتياط على حواصلهم وأموالهم وأملاكهم وغير ذلك، وقدم البريد من الديار المصرية يوم الأربعاء ثالث جمادى الآخرة فأخبر بقتل يلبغا فيما بين قاقون وغبرة، وأخذت رؤوسهما إلى السلطان وكذلك قتل بغبرة الأمراء الثلاثة الذين خرجوا من مصر وحاكم الوزير ابن سرد ابن البغدادي، والدوادار طغيتمر وبيدمر البدري، أحد المقدمين، كان قد نقم عليه السلطان ممالاة يلبغا، فأخرجهم من مصر مسلوبين جميع أموالهم وسيرهم إلى الشام، فلما كانوا بغزة لحقهم البريد بقتلهم حيث وجدهم وكذلك رسم بقتل يلبغا حيث التقاه من الطريق، فلما انفصل البريد من غزة التقى يلبغا في طريق وادي فحمة فخنقه ثم احتز رأسه وذهب به إلى السلطان، وقدم أميران من الديار المصرية بالحوطة على حواصل يلبغا وطواشي من بيت المملكة، فتسلم مصاغا وجواهر نفيسة جدا، ورسم ببيع أملاكه وما كان وقفه على الجامع الذي كان قد شرع بعمارته بسوق الخيل، وكان قد اشتهر أنه وقف عليه القيسارية التي كان أنشأها ظاهر باب الفرج، والحمامين المتجاورين ظاهر باب الجابية غربي خان السلطان العتيق، وخصصا في قرايا أخرى كان قد استشهد على نفسه بذلك قبل ذلك فالله أعلم. ثم طلاب بقية أصحابه من حماه فحملوا إلى الديار المصرية وعدم خبرهم، فلا يدرى على أي صفة هلكوا.
وفي صبيحة يوم الثلاثاء الثامن عشر (1) من جمادى الآخرة من هذه السنة دخل الأمير سيف الدين أرغون شاه دمشق المحروسة نائبا عليها، وكان قدومه من حلب، انفصل عنها وتوجه إليها الأمير فخر الدين إياس الحاجب، فدخلها أرغون شاه في أبهة وعليه خلعة وعمامة بطرفين، وهو قريب الشكل من تنكز رحمه الله فنزل دار السعادة وحكم بها، وفيه صرامة وشهامة.
وفي يوم الخميس الثالث والعشرين منه صلي على الأمير قراسنقر بالجامع الأموي وظاهر باب النصر، وحضر القضاة والأعيان والأمراء، ودفن بتربته بميدان الحصا بالقرب من جامع الكريمي وعملت ليلة النصف على العادة من إشعال القناديل ولم يشعل الناس لما هم فيه من الغلاء وتأخر المطر وقلة الغلة، كل رطل إلا وقية بدرهم، وهو متغير، وسائر الأشياء غالية، والزيت كل رطل بأربعة ونصف، ومثله الشيرج والصابون والأرز والعنبريس كل رطل بثلاثة، وسائر الأطعمات على هذا النحو، وليس شئ قريب الحال سوى اللحم بدرهمين وربع، ونحو ذلك، وغالب أهل حوران يردون من الأماكن البعيدة ويجلبون القمح للمؤنة والبدار من دمشق، وبيع عندهم القمح المغربل كل مد بأربعة دراهم، وهم في جهد شديد، والله هو المأمول المسؤول وإذا سافر أحد يشق عليه تحصيل الماء لنفسه ولفرسه ودابته، لان المياه التي في الدرب كلها نفذت، وأما القدس فأشد حالا وأبلغ في ذلك.
ولما كان العشر الأخير من شعبان من هذه السنة من الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة على