الدكاكين بذلك، وشددوا في أمرهم أياما. وفي ربيع الأول ولي الشيخ علاء الدين المقدسي معيد البادرانية مشيخة الصلاحية بالقدس الشريف، وسافر إليها. وفي جمادى الآخرة عزل قرطاي عن ولاية طرابلس ووليها طينال وأقر قرطاي على خبز القرماني بدمشق بحكم سجن القرماني بقلعة دمشق.
قال البرزالي: وفي يوم الاثنين عند العصر سادس عشر شعبان اعتقل الشيخ الامام العالم العلامة تقي الدين بن تيمية بقلعة دمشق، حضر إليه من جهة نائب السلطنة تنكز مشدا الأوقاف وابن الخطيري أحد الحجاب بدمشق، وأخبراه أن مرسوم السلطان ورد بذلك، وأحضرا معهما مركوبا ليركبه، وأظهر السرور والفرح بذلك، وقال أنا كنت منتظرا لذلك، وهذا فيه خير كثير ومصلحة كبيرة، وركبوا جميعا من داره إلى باب القلعة، وأخليت له قاعة وأجرى إليها الماء ورسم له بالإقامة فيها، وأقام معه أخوه زين الدين يخدمه بإذن السلطان، ورسم له ما يقوم بكفايته.
قال البرزالي: وفي يوم الجمعة عاشر الشهر المذكور قرئ بجامع دمشق الكتاب السلطاني الوارد باعتقاله ومنه من الفتيا، وهذه الواقعة سببها فتيا وجدت بخطه في السفر وإعمال المطي إلى زيارة قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقبور الصالحين. وقال: وفي يوم الأربعاء منتصف شعبان أمر قاضي القضاة الشافعي في حبس جماعة من أصحاب الشيخ تقي الدين في سجن الحكم، وذلك بمرسوم نائب السلطنة وإذنه له فيه، فما تقتضيه الشريعة في أمرهم، وعزر (1) جماعة منهم على دواب ونودي عليهم ثم أطلقوا، سوى شمس الدين محمد بن قيم الجوزية فإنه حبس بالقلعة، وسكتت القضية. قال وفي أول رمضان وصلت الاخبار إلى دمشق أنه أجريت عين ماء إلى مكة شرفها الله وانتفع الناس بها انتفاعا عظيما، وهذه العين تعرف قديما بعين باذان، أجراها جوبان من بلاد بعيدة حتى دخلت إلى نفس مكة، ووصلت إلى عند الصفا وباب إبراهيم، واستقى الناس منها فقيرهم وغنيهم وضعيفهم وشريفهم، كلهم فيها سواء، وارتفق أهل مكة بذلك رفقا كثيرا ولله الحمد والمنة. وكانوا قد شرعوا في حفرها وتجديدها في أوائل هذه السنة إلى العشر الاخر من جمادى الأولى، واتفق أن في هذه السنة كانت الآبار التي بمكة قد يبست وقل ماؤها، وقل ماء زمزم أيضا، فلو لا أن الله تعالى لطف بالناس بإجراء هذه القناة لنزح عن مكة أهلها، أو هلك كثير مما يقيم بها. وأما الحجيج في أيام الموسم فحصل لهم بها رفق عظيم زائد عن الوصف، كما شاهدنا ذلك في سنة إحدى وثلاثين عام حججنا. وجاء كتاب السلطان إلى نائبه بمكة بإخراج الزيديين من المسجد الحرام، وأن لا يكون لهم فيه إمام ولا مجتمع، ففعل ذلك.