يقال لها الطيبانية إلى جانب أم الصالح مقتولا مذبوحا، وقد أخذت من عنده أموال من المدرسة المذكورة ولم يطلع على فاعل ذلك، وكان البواب رجلا صالحا مشكورا رحمه الله.
ترجمة الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية وفي ليلة الخميس ثالث عشر رجب وقت أذان العشاء توفي صاحبنا الشيخ الامام العلامة شمس الدين محمد ين أبي بكر بن أيوب الزرعي، إمام الجوزية، وابن قيمها، وصلي عليه بعد صلاة الظهر من الغد بالجامع الأموي، ودفن عند والدته بمقابر الباب الصغير رحمه الله. ولد في سنة إحدى وتسعين وستمائة وسمع الحديث واشتغل بالعلم، وبرع في العلوم المتعددة، لا سيما علم التفسير والحديث والأصلين، ولما عاد الشيخ تقي الدين بن تيمية من الديار المصرية في سنة ثنتي عشرة وسبعمائة لازمه إلى أن مات الشيخ فأخذ عنه علما جما، مع ما سلف له من الاشتغال، فصار فريدا في بابه في فنون كثيرة، مع كثرة الطلب ليلا ونهارا، وكثرة الابتهال. وكان حسن القراءة والخلق، كثير التودد لا يحسد أحدا ولا يؤذيه، ولا يستعيبه ولا يحقد على أحد، وكنت من أصحب الناس له وأحب إليه، ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه، وكانت له طريقة في الصلاة يطليها جدا ويمد ركوعها وسجودها، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان، فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك رحمه الله، وله من التصانيف الكبار والصغار شئ كثير، وكتب بخطه الحسن شيئا كثيرا، واقتنى من الكتب ما لا يتهيأ لغيره تحصيل عشرة من كتب السلف والخلف، وبالجملة كان قليل النصير في مجموعه وأموره وأحواله، والغالب عليه الخير والأخلاق الصالحة، سامحه الله ورحمه، وقد كان متصديا للافتاء بمسألة الطلاق التي اختارها الشيخ تقي الدين بن تيمية، وجرت بسببها فصول يطول بسطها مع قاضي القضاة تقي الدين السبكي وغيره، وقد كانت جنازته حافلة رحمه الله، شهدها القضاة والأعيان والصالحون من الخاصة والعامة، وتزاحم الناس على حمل نعشه، وكمل له من العمر ستون سنة رحمه الله.
وفي يوم الاثنين ثاني عشر شهر شعبان ذكر الدرس بالصدرية شرف الدين عبد الله بن الشيخ الامام العلامة شمس الدين بن قيم الجوزية عوضا عن أبيه رحمه الله فأفاد وأجاد، وسرد طرفا صالحا في فضل العلم وأهله، انتهى والله تعالى أعلم.
ومن العجائب والغرائب التي لم يتفق مثلها ولم يقع من نحو مائتي سنة وأكثر، أنه بطل الوقيد بجامع دمشق في ليلة النصف من شعبان، فلم يزد في وقيده قنديل واحد على عادة لياليه في سائر السنة ولله الحمد والمنة. وفرح أهل العلم بذلك، وأهل الديانة، وشكر الله تعالى على تبطيل هذه البدعة الشنعاء، التي كان يتولد بسببها شرور كثيرة بالبلد، والاستيجار بالجامع الأموي، وكان ذلك بمرسوم السلطان الملك الناصر حسن بن الملك الناصر محمد بن قلاوون خلد الله ملكه،