وقد رواه مسلم من حديث شعبة وله تمام عن عمار عن حذيفة في المنافقين.
وهذا كما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من التابعين، منهم الحارث بن سويد، وقيس بن عبادة، وأبو جحيفة وهب بن عبد الله السوائي، ويزيد بن شريك، وأبو حسان الأجرد وغيرهم أن كلا منهم قال: قلت لعلي: هل عندكم شئ عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعهده إلى الناس؟ فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهما يؤتيه الله عبدا في القرآن، وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في هذه الصحيفة؟ فإذا فيها العقل وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر، وأن المدينة حرم ما بين ثبير إلى ثور.
وثبت في الصحيحين أيضا من حديث الأعمش عن أبي وائل عن سفيان بن مسلم عن سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين: يا أيها الناس! اتهموا الرأي على الدين، فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أقدر لرددت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره، ووالله ما حملنا سيوفنا على عواتقنا منذ أسلمنا لأمر يقطعنا إلا أسهل بنا إلى أمر نعرفه، غير أمرنا هذا، فإنا لا نسد منه خصما إلا انفتح لنا غيره لا ندري كيف نبالي له.
وقال أحمد: حدثنا وكيع ثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي البختري. قال قام عمار يوم صفين فقال: إيتوني بشربة لبن، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " آخر شربة تشربها من الدنيا تشربها يوم تقتل " (1) وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن حبيب عن أبي البختري أن عمارا أتي بشربة لبن فضحك وقال: إن رسول الله قال لي: " آخر شراب أشربه لبن حين أموت " (2) وقال إبراهيم بن الحسين بن ديزيل: ثنا يحيى بن نصر، ثنا عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي قال: سمعت الشعبي عن الأحنف بن قيس: قال ثم حمل عمار بن ياسر عليهم فحمل عليه ابن جوى السكسكي وأبو الغادية الفزاري (3)، فأما أبو الغادية فطعنه، وأما ابن جوى فاحتز رأسه. وقد كان ذو الكلاع سمع قول عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر " تقتلك الفئة الباغية، وآخر شربة تشربها صاع لبن " فكان ذو الكلاع يقول لعمرو: ويحك! ما هذا يا عمرو؟! فيقول له عمرو: إنه سيرجع إلينا. قال: فلما أصيب عمار بعد ذو الكلاع قال عمرو لمعاوية: ما أدري بقتل أيهما أنا أشد فرحا، بقتل عمار أو ذي الكلاع والله لو بقي ذو الكلاع بعد قتل عمار لمال بعامة أهل الشام ولأفسد علينا جندنا. قال: وكان لا يزال يجئ رجل فيقول