ثم دخلت سنة ست وعشرين قال الواقدي: فيها أمر عثمان بتجديد أنصاب الحرم. وفيها وسع المسجد الحرام. وفيها عزل سعدا عن الكوفة وولاها الوليد بن عقبة، وكان سبب عزل سعد أنه اقترض من ابن مسعود مالا من بيت المال، فلما تقاضاه به ابن مسعود ولم يتيسر قضاؤه تقاولا، وجرت بينهما خصومة شديدة، فغضب عليهما عثمان فعزل سعدا واستعمل الوليد بن عقبة - وكان عاملا لعمر على عرب الجزيرة - فلما قدمها أقبل عليه أهلها فأقام بها خمس سنين وليس على داره باب، وكان فيه رفق برعيته. قال الواقدي: وفيها حج بالناس عثمان بن عفان رضي الله عنه. وقال غيره: وفيها افتتح عثمان بن أبي العاص سابور صلحا على ثلاثة آلاف ألف وثلاثمائة ألف (1).
ثم دخلت سنة سبع وعشرين قال الواقدي وأبو معشر: وفيها عزل عثمان عمرو بن العاص عن مصر وولى عليها عبد الله ابن سعد بن أبي سرح - وكان أخا عثمان لامه - وهو الذي شفع له يوم الفتح حين كان أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه.
غزوة إفريقية أمر عثمان بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح أن يغزو بلاد إفريقية فإذا افتتحها الله عليه فله خمس الخمس من الغنيمة نفلا، فسار إليها في عشرة آلاف فافتتحها سهلها وجبلها، وقتل خلقا كثيرا من أهلها، ثم اجتمعوا على الطاعة والاسلام، وحسن إسلامهم، وأخذ عبد الله بن سعد خمس الخمس من الغنيمة (2) وبعث بأربعة أخماسه إلى عثمان، وقسم أربعة أخماس الغنيمة بين الجيش، فأصاب الفارس ثلاثة آلاف دينار والراجل ألف دينار. قال الواقدي: وصالحه بطريقها على ألفي ألف دينار وعشرين ألف دينار (3)، فأطلقها كلها عثمان في يوم واحد لآل الحكم ويقال لآل مروان.