ابن حمزة اللخمي، ثنا أبو علي الحرنازي قال: دخل هشام بن البحتري في ناس من بني مخزوم على عمر بن الخطاب فقال له: يا هشام أنشدني شعرك في خالد. فأنشده فقال: قصرت في الثناء على أبي سليمان رحمه الله، إنه كان ليحب أن يذل الشرك وأهله، وإن كان الشامت به لمتعرضا لمقت الله. ثم قال عمر قاتل الله أخا بني تميم ما أشعره.
وقل للذي يبقى خلاف الذي مضى * تهيأ لأخرى مثلها فكأن قدي فما عيش من قد عاش بعدي بنافعي * ولا موت من قد مات يوما بمخلدي ثم قال عمر: رحم الله أبا سليمان ما عند الله خير له مما كان فيه. ولقد مات سعيدا وعاش حميدا ولكن رأيت الدهر ليس بقائل.
طليحة بن خويلد ابن نوفل بن نضلة بن الأشتر بن جحوان بن فقعس بن طريف بن عمر بن قعير (1) بن الحارث بن ثعلبة بن داود (2) بن أسد بن خزيمة الأسدي الفقعسي، كان ممن شهد الخندق من ناحية المشركين، ثم أسلم سنة تسع، ووفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم ارتد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيام الصديق، وادعى النبوة كما تقدم. وروى ابن عساكر أنه ادعى النبوة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن ابنه خيال (3) قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله: ما اسم الذي يأتي إلى أبيك؟ فقال: ذو النون الذي لا يكذب ولا يخون، ولا يكون كما يكون. فقال: لقد سمي ملكا عظيم الشأن، ثم قال لابنه: قتلك الله وحرمك الشهادة. ورده كما جاء. فقتل خيال في الردة في بعض الوقائع قتله عكاشة بن محصن ثم قتل طليحة عكاشة وله مع المسلمين وقائع. ثم خذله الله على يدي خالد بن الوليد، وتفرق جنده فهرب حتى دخل الشام فنزل على آل جفنة، فأقام عندهم حتى مات الصديق حياء منه، ثم رجع إلى الاسلام واعتمر، ثم جاء يسلم على عمر فقال له: اغرب عني فإنك قاتل الرجلين الصالحين، عكاشة بن محصن، وثابت بن أقرم، فقال: يا أمير المؤمنين هما رجلان أكرمهما الله على يدي ولم يهني بأيديهما. فأعجب عمر كلامه ورضي عنه. وكتب له بالوصاة إلى الامراء أن يشاور ولا يولي شيئا من الامر ثم عاد إلى الشام مجاهدا فشهد اليرموك وبعض حروب كالقادسية ونهاوند الفرس، وكان من الشجعان المذكورين، والابطال المشهورين، وقد حسن إسلامه بعد هذا كله. وذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من الصحابة وقال: كان يعد بألف فارس لشدته وشجاعته وبصره بالحرب. وقال أبو نصر بن ماكولا: أسلم ثم ارتد ثم أسلم