قالوا: لا! قال: هذا عمرو بن العاص تلقاني بسؤته فذكرني بالرحم فرجعت عنه، فلما رجع عمرو إلى معاوية قال له: احمد الله واحمد إستك. وقال إبراهيم بن الحسين بن ديزيل: ثنا يحيى ثنا نصر ثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن نمير الأنصاري قال: والله لكأني أسمع عليا وهو يقول لأصحابه يوم صفين أما تخافون مقت الله حتى متى، ثم انفتل إلى القبلة يدعو ثم قال: والله ما سمعنا برئيس أصاب بيده ما أصاب علي يومئذ إنه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة رجل، يخرج فيضرب بالسيف حتى ينحني ثم يجئ فيقول معذرة إلى الله وإليكم والله لقد هممت أن أقلعه ولكن يحجزني عنه أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي " قال: فيأخذه فيصلحه ثم يرجع به. وهذا إسناد ضعيف وحديث منكر. وحدثنا يحيى: ثنا ابن وهب، أخبرني الليث، عن يزيد بن حبيب أنه أخبره من حضر صفين مع علي ومعاوية قال ابن وهب: وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب، عن ربيعة بن لقيط قال: شهدنا صفين مع علي ومعاوية قال فمطرت السماء علينا دما عبيطا قال الليث في حديثه حتى أن كانوا ليأخذونه بالصحاف والآنية قال ابن لهيعة: فتمتلئ ونهريقها وقد ذكرنا أن عبد الله بن بديل كسر الميسرة التي فيها حبيب بن مسلمة حتى أضافها إلى القلب فأمر معاوية الشجعان أن يعاونوا حبيبا على الكرة وبعث إلى معاوية يأمره بالحملة والكرة على ابن بديل، فحمل حبيب بمن معه من الشجعان على ميمنة أهل العراق فأزالوهم عن أماكنهم وانكشفوا عن أميرهم حتى لم يبق معه إلا زهاء ثلاثمائة وانجفل بقية أهل العراق، ولم يبق مع علي من تلك القبائل إلا أهل مكة وعليهم سهل بن حنيف، وثبت ربيعة مع علي رضي الله عنه واقترب أهل الشام منه حتى جعلت نبالهم تصل إليه، وتقدم إليه مولى لبني أمية فاعترضه مولي لعلي فقتله الأموي وأقبل يريد عليا وحوله بنوه الحسن الحسين ومحمد بن حنفية، فلما وصل إلى علي أخذه علي بيده فرفعه ثم ألقاه على الأرض فكسر عضده ومنكبه وابتدره الحسين ومحمد بأسيافهما فقتلاه فقال علي للحسن ابنه وهو واقف معه: ما منعك أن تصنع كما صنعا فقال: كفيان أمره يا أمير المؤمنين وأسرع إلى علي أهل الشام فجعل علي لا يزيده قربهم منه سرعة في مشيته، بل هو سائر على هينته، فقال له ابنه الحسن: يا أبة لو سعيت أكثر من مشيتك هذه فقال: يا بني إن لأبيك يوما لن يعدوه ولا يبطئ به عنه السعي ولا يعجل به إليه المشي إن أباك والله ما يبالي وقع على الموت أو وقع عليه، ثم إن عليا أمر الأشتر النخعي أن يلحق المنهزمين فيردهم فسار فأسرع حتى استقبل المنهزمين من العراق فجعل يؤنبهم ويوبخهم ويحرض القبائل والشجعان منهم على الكرة فجعل طائفة تتابعه وآخرون يستمرون في هزيمتهم فلم يزل ذلك دأبه حتى اجتمع عليه خلق عظيم من الناس فجعل لا يلقى إلا كشفها ولا طائفة إلا ردها حتى انتهى إلى أمير الميمنة وهو عبد الله بن بديل ومعه نحو في ثلاثمائة قد ثبتوا في مكانهم فسألوا عن أمير المؤمنين فقالوا حي صالح فالتفوا إليه، فتقدم بهم حتى تراجع كثير من الناس وذلك ما بين صلاة العصر إلى الغروب، وأراد ابن بديل أن يتقدم إلى أهل الشام فأمره
(٢٩٣)