النهار، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويتناصفون بينهم، من أجل أنا نشرب الخمر، ونزني، ونركب الحرام، وننقض العهد، ونغضب ونظلم ونأمر بالسخط وننهى عما يرضي الله ونفسد في الأرض. فقال: أنت صدقتني.
وقال الوليد بن مسلم: أخبرني من سمع يحيى بن يحيى الغساني يحدث عن رجلين من قومه قالا: لما نزل المسلمون بناحية الأردن، تحدثنا بيننا أن دمشق ستحاصر فذهبنا نتسوق منها قبل ذلك، فبينا نحن فيها إذ أرسل إلينا بطريقها فجئناه فقال: أنتما من العرب؟ قلنا نعم! قال: وعلى النصرانية؟ قلنا: نعم. فقال: ليذهب أحدكما فليتجسس لنا عن هؤلاء القوم ورأيهم، وليثبت الآخر على متاع صاحبه. ففعل ذلك أحدنا، فلبث مليا ثم جاءه فقال: جئتك من عند رجال دقاق يركبون خيولا عتاقا أما الليل فرهبان، وأما النهار ففرسان، يريشون النبل ويبرونها، ويثقفون القنا، لو حدثت جليسك حديثا ما فهمه عنك لما علا من أصواتهم بالقرآن والذكر. قال فالتفت إلى أصحابه وقال: أتاكم منهم مالا طاقة لكم به.
انتقال إمرة الشام من خالد إلى أبي عبيدة بعد وقعة اليرموك وصيرورة الامرة بالشام إلى أبي عبيدة، فكان أبو عبيدة أول من سمي أمير الامراء.
قد تقدم أن البريد قدم بموت الصديق والمسلمون مصافو الروم يوم اليرموك، وأن خالدا كتم ذلك عن المسلمين لئلا يقع وهن، فلما أصبحوا أجلى لهم الامر وقال ما قال، ثم شرع أبو عبيدة في جمع الغنيمة وتخميسها، وبعث بالفتح والخمس مع قباب (1) بن أشيم إلى الحجاز، ثم نودي بالرحيل إلى دمشق، فساروا حتى نزلوا مرج الصفر، وبعث أبو عبيدة بين يديه طليعة أبا أمامة الباهلي ومعه رجلان من أصحابه. قال أبو أمامة: فسرت فلما كان ببعض الطريق أمرت الآخر (2) فكمن هناك وسرت أنا وحدي حتى جئت باب البلد، وهو مغلق في الليل وليس هناك أحد، فنزلت وغرزت رمحي بالأرض ونزعت لجام فرسي، وعلقت عليه مخلاته ونمت، فلما أصبح الصباح قمت فتوضأت وصليت الفجر، فإذا باب المدينة يقعقع فلما فتح حملت على البواب فطعنته بالرمح فقتلته، ثم رجعت والطلب ورائي فلما انتهينا إلى الرجل الذي في الطريق من أصحابي ظنوا أنه كمين فرجعوا عني، ثم سرنا حتى أخذنا الآخر وجئت إلى أبي عبيدة فأخبرته بما رأيت، فأقام أبو