نهض إليهم في ذلك الليل بمن معه من المسلمين فقتل من أشرف له وسبقته امرأته إلى سرادق الموريان فكانت أول امرأة من العرب ضرب عليها سرادق وقد مات عنها حبيب بن مسلمة بعد ذلك، فخلف عليها بعده الضحاك بن قيس الفهري، فهي أم ولده. قال ابن جرير: واختلف فيمن حج بالناس في هذه السنة فقال الواقدي وأبو معشر: حج بهم عبد الرحمن بن عوف بأمر عثمان. وقال آخرون:
حج بالناس عثمان بن عفان رضي الله عنه. والأول هو الأشهر فإن عثمان لم يتمكن من الحج في هذه السنة لأجل رعاف أصابه مع الناس في هذه السنة حتى خشي عليه وكان يقال لهذه السنة سنة الرعاف، وفيها افتتح أبو موسى الأشعري الري بعد ما نقضوا العهد الذي كان واثقهم عليه حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه، وفيها توفي سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي ويكنى بأبي سفيان، كان ينزل قديدا وهو الذي اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعامر بن فهيرة وعبد الله بن أريقط الديلي حين خرجوا من غار ثور قاصدين المدينة فأراد أن يردهم على أهل مكة لما جعلوا في كل واحد من النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر مائة مائة من الإبل، فطمع أن يفوز بهذا الجعل فلم يسلطه الله عليهم، بل لما اقترب منهم وسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ساخت قوائم فرسه في الأرض حتى ناداهم بالأمان، فأعطوه الأمان، وكتب له أبو بكر كتاب أمان عن إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قدم به بعد غزوة الطائف فأسلم وأكرمه النبي صلى الله عليه وسلم وهو القائل: يا رسول الله أعمرتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد؟ فقال له: " بل لابد الأبد.
دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " (1).
ثم دخلت سنة خمس وعشرين وفيها نقض أهل الإسكندرية العهد، وذلك أن ملك الروم بعث إليهم معويل الخصي في مراكب من البحر فطمعوا في النصرة ونقضوا ذمتهم (2)، فغزاهم عمرو بن العاص في ربيع الأول، فافتتح الأرض عنوة وافتتح المدينة صلحا. وفيها حج بالناس عثمان بن عفان رضي الله عنه. وفيها في قول سيف عزل عثمان سعدا عن الكوفة وولى الوليد بن عقبة بن أبي معيط مكانه، فكان هذا مما نقم على عثمان. وفيها وجه عمرو بن العاص عبد الله بن سعد بن أبي سرح لغزو بلاد المغرب، واستأذنه ابن أبي سرح في غزو إفريقية فأذن له ويقال فيها أيضا عزل عثمان عمرو بن العاص عن مصر وولى عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وقيل بل كان هذا في سنة سبع وعشرين كما سيأتي والله أعلم. وفيها فتح معاوية الحصون، وفيها ولد ابنه يزيد بن معاوية.