يبرئ ساحة علي مما نسب إليه من القول الذي لا أصل له، وقد اتخذت الروافض هذا اليوم عيدا، فكانت تضرب فيه الطبول ببغداد في أيام بني بويه في حدود الأربعمائة كما سننبه عليه إذا انتهينا إليه إن شاء الله. ثم بعد ذلك بنحو من عشرين يوما تعلق المسوح على أبواب الدكاكين ويذر التبن والرماد، وتدور الذراري والنساء في سكك البلد تنوح على الحسين بن علي يوم عاشوراء صبيحة قراءتهم المصرع المكذوب في قتله، وسنبين الحق في صفة قتله كيف وقع الامر على الجلية إن شاء الله تعالى. وقد كان بعض بني أمية يعيب عليا بتسميته أبا تراب وهذا الاسم إنما سماه به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيحين عن سهل بن سعد أن عليا غاضب فاطمة فراح إلى المسجد فجاءه رسول الله فوجده نائما وقد لصق التراب بجلده فجعل ينفض عنه التراب ويقول:
" إجلس أبا تراب ".
حديث المؤاخاة قال الحاكم حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الجنيد، ثنا الحسين بن جعفر القرشي، ثنا العلاء بن عمرو الحنفي، ثنا أيوب بن مدرك، عن مكحول عن أبي أمامة قال: " لما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الناس آخى بينه وبين علي " ثم قال الحاكم لم نكتبه من حديث مكحول إلا من هذا الوجه وكان المشايخ يعجبهم هذا الحديث لكونه من رواية أهل الشام. قلت: وفي صحة هذا الحديث نظر، وورد من طريق أنس وعمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أنت أخي في الدنيا والآخرة " وكذلك من طريق زيد بن أبي أوفى وابن عباس ومحدوج بن زيد الذهلي وجابر بن عبد الله وعامر بن ربيعة وأبي ذر وعلي نفسه نحو ذلك وأسانيدها كلها ضعيفة لا يقو بشئ منها حجة والله أعلم. وقد جاء من غير وجه أنه قال: " أنا عبد الله وأخو رسوله لا يقولها بعدي إلا كذاب " وقال الترمذي: ثنا يوسف بن موسى القطان البغدادي، ثنا علي بن قادم، ثنا علي بن صالح بن حيي.
عن حكيم بن جبير، عن جميع بن عمير التيمي، عن ابن عمر قال: " آخى رسول الله بين أصحابه فجاء علي تدمع عيناه فقال يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تواخي بيني وبين أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت أخي في الدنيا والآخرة " ثم قال: هذا حديث حسن غريب وفيه عن زيد بن أبي أوفى، وقد شهد بدرا. وقد قال رسول الله لعمر: " وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم "؟ وبارز يومئذ كما تقدم وكانت له اليد البيضاء ودفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية يومئذ وهو ابن عشرين سنة قاله الحكم عن مقسم عن ابن عباس.
قال وكانت تكون معه راية المهاجرين في المواقف كلها، وكذلك قال سعيد بن المسيب وقتادة.
وقال خيثمة بن سليمان الأطرابلسي الحافظ: حدثنا أحمد بن حازم عن ابن أبي غرزة، ثنا إسماعيل بن أبان، ثنا ناصح بن عبد الله المحلمي، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة قال قالوا يا رسول الله من يحمل رايتك يوم القيامة؟ قال: " ومن عسى أن يحملها يوم القيامة إلا من