بلاد بلنجر مائتي فرسخ، وغزا مرات متعددة. ثم كانت له وقائع هائلة في زمن عثمان كما سنورده في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقال سيف بن عمر عن الغصن بن القاسم عن رجل عن سلمان بن ربيعة. قال: لما دخل عليهم عبد الرحمن بن ربيعة بلادهم حال الله بين الترك والخروج عليه، وقالوا: ما اجترأ علينا هذا الرجل إلا ومعهم الملائكة تمنعهم من الموت. فتحصنوا منه وهربوا بالغنم والظفر. ثم إنه غزاهم غزوات في زمن عثمان فظفر بهم، كما كان يظفر بغيرهم. فلما ولي عثمان على الكوفة بعض من كان ارتد، غزاهم فتذامرت الترك وقال بعضهم لبعض: إنهم لا يموتون (1)، قال:
انظروا وفعلوا فاختفوا لهم في الغياض. فرمى رجل منهم رجلا من المسلمين على غرة فقتله وهرب عنه أصحابه، فخرجوا على المسلمين بعد ذلك حتى عرفوا أن المسلمين يموتون، فاقتتلوا قتالا شديدا ونادى مناد من الجو صبرا آل عبد الرحمن وموعدكم الجنة، فقالت عبد الرحمن حتى قتل وانكشف الناس وأخذ الراية سلمان بن ربيعة فقاتل بها، ونادى المنادي من الجو صبرا آل سلمان ابن ربيعة. فقاتل قتالا شديدا ثم تحيز سلمان وأبو هريرة بالمسلمين، وفروا من كثرة الترك ورميهم الشديد السديد على جيلان فقطعوها إلى جرجان، واجترأت الترك بعدها، ومع هذا أخذت الترك عبد الرحمن بن ربيعة فدفنوه في بلادهم، فهم يستسقون بقبره إلى اليوم. وسيأتي تفصيل ذلك كله.
قصة السد ذكر ابن جرير بسنده أن شهربراز قال لعبد الرحمن بن ربيعة لما قدم عليه حين وصل إلى الباب وأراه رجلا فقال شهربراز: أيها الأمير إن هذا الرجل كنت بعثته نحو السد، وزودته مالا جزيلا وكتبت له إلى الملوك الذين يولوني، وبعثت لهم هدايا، وسألت منهم أن يكتبوا له إلى من يليهم من الملوك حتى ينتهي إلى سد ذي القرنين، فينظر إليه ويأتينا بخبره. فسار حتى انتهى إلى الملك الذي السد في أرضه، فبعثه إلى عامله مما يلي السد، فبعثت معه بازياره ومعه عقابه، فلما انتهوا إلى السد إذا جبلان بينهما سد مسدود، حتى ارتفع على الجبلين، وإذا دون السد خندق أشد سوادا من الليل لبعده، فنظر إلى ذلك كله وتفرس فيه، ثم لما هم بالانصراف قال له البازيار:
على رسلك، ثم شرح بضعة لحم معه فألقاها في ذلك الهواء، وانقض عليها العقاب. فقال: إن أدركتها قبل أن تقع فلا شئ، وإن لم تدركها حتى تقع فذلك شئ. قال: فلم تدركها حتى وقعت في أسفله واتبعها العقاب فأخرجها فإذا فيها ياقوتة وهي هذه. ثم ناولها الملك شهربراز لعبد الرحمن بن ربيعة، فنظر إليها عبد الرحمن ثم ردها إليه، فلما ردها إليه فرح وقال: والله لهذه خير