ذكر اجتماع الفرس على يزدجرد بعد اختلافهم كان شرين قد جمع آل كسرى في القصر الأبيض وأمر بقتل ذكرانهم كلهم، وكانت أم يزدجرد فيهم معها ابنها وهو صغير، فواعدت أخواله فجاؤوا وأخذوه منها وذهبوا به إلى بلادهم، فلما وقع ما وقع يوم البويب وقتل من قتل منهم كما ذكرنا، وركب المسلمون أكتافهم وانتصروا عليهم وعلى أخذ بلدانهم، ومحالهم وأقاليمهم. ثم سمعوا بقدوم سعد بن أبي وقاص من جهة عمر، اجتمعوا فيما بينهم وأحضروا الأميرين الكبيرين فيهم وهما رستم والفيرزان فتذامروا فيما بينهم وتواصوا وقالوا لهما لئن لم تقوما بالحرب كما ينبغي لنقتلنكما ونشتفي بكما. ثم رأوا فيما بينهم أن يبعثوا خلف نساء كسرى من كل فج ومن كل بقعة، فمن كان لها ولد من آل كسرى ملكوه عليهم. فجعلوا إذا أتوا بالمرأة عاقبوها هل لها ولد وهي تنكر ذلك خوفا على ولدها إن كان لها ولد، فلم يزالوا حتى دلوا على أم يزدجرد، فأحضروها وأحضروا ولدها فملكوه عليهم وهو ابن إحدى وعشرين سنة، وهو من ولد شهريار بن كسرى وعزلوا بوران واستوثقت الممالك له، واجتمعوا عليه وفرحوا به، وقاموا بين يديه بالنصر أتم قيام، واستفحل أمره فيهم وقويت شوكتهم به، وبعثوا إلى الأقاليم والرساتيق فخلعوا الطاعة للصحابة ونقضوا عهودهم وذممهم، وبعث الصحابة إلى عمر بالخبر، فأمرهم عمر أن بتبرزوا من بين ظهرانيهم وليكونوا على أطراف البلاد حولهم على المياه، وأن تكون كل قبيلة تنظر إلى الأخرى بحيث إذا حدث حدث على قبيلة لا يخفى أمرها على جيرانهم. وتفاقم الحال جدا. وذلك في ذي القعدة من سنة ثلاث عشرة، وقد حج بالناس عمر في هذه السنة وقيل بل حج بهم عبد الرحمن بن عوف ولم يحج عمر هذه السنة. والله أعلم.
ما وقع سنة ثلاث عشرة (1) من الحوادث كانت فيها وقائع تقدم تفصيلها ببلاد العراق على يدي خالد بن الوليد رضي الله عنه، فتحت فيها الحيرة والأنبار وغيرهما من الأمصار، وفيها سار خالد بن الوليد من العراق إلى الشام على المشهور. وفيها كانت وقعة اليرموك في قول سيف بن عمر واختيار ابن جرير، وقتل بها من قتل من الأعيان ممن يطول ذكرهم وتراجمهم رضي الله عنهم أجمعين. وفيها توفي أبو بكر الصديق.
وقد أفردنا سيرته في مجلد ولله الحمد. وفيها ولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الثلاثاء لثمان