فكان ممن قال الله تعالى في حقه في كتابه المبين وهو صراطه المستقيم * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) * [التوبة: 111].
ثم دخلت سنة ثنتين وعشرين وفيها كانت فتوحات كثيرة منها فتح همدان ثانية ثم الري وما بعدها ثم أذربيجان قال الواقدي وأبو معشر: كانت في سنة ثنتين وعشرين. وقال سيف: كانت في سنة ثماني عشرة بعد فتح همدان والري وجرجان. وأبو معشر يقول بأن أذربيجان كانت بعد هذه البلدان، ولكن عنده أن الجميع كان في هذه السنة. وعند الواقدي: أن فتح همدان والري في سنة ثلاث وعشرين، فهمدان افتتحها المغيرة (1) بعد مقتل عمر بستة أشهر، قال: ويقال كان فتح الري قبل وفاة عمر بسنتين، إلا أن الواقدي وأبا معشر متفقان على أن أذربيجان في هذه السنة، وتبعهما ابن جرير وغيره. وكان السبب في ذلك أن المسلمين لما فرغوا من نهاوند وما وقع من الحرب المتقدم، فتحوا حلوان وهمذان بعد ذلك. ثم إن أهل همذان نقضوا عهدهم الذي صالحهم عليه القعقاع ابن عمرو، فكتب عمر إلى نعيم بن مقرن أن يسير إلى همذان، وأن يجعل على مقدمته أخاه سويد ابن مقرن، وعلى مجنبتيه ربعي بن عامر الطائي، ومهلهل بن زيد التميمي. فسار حتى نزل على ثنية العسل، ثم تحدر على همذان (2)، واستولى على بلادها، وحاصرها فسألوه الصلح فصالحهم ودخلها، فبينما هو فيها ومعه اثني عشر ألفا من المسلمين إذ تكاتف (3) الروم والديلم وأهل الري وأهل أذربيجان، واجتمعوا على حرب نعيم بن مقرن في جمع كثير، فعلى الديلم ملكهم واسمه موتا، وعلى أهل الري أبو الفرخان، وعلى أذربيجان اسفندياذ أخو رستم، فخرج إليهم بمن معه من المسلمين حتى التقوا بمكان يقال له واج الروذ، فاقتتلوا قتالا شديدا وكانت وقعة عظيمة تعدل نهاوند ولم تك دونها، فقتلوا من المشركين جمعا كثيرا، وجما غفيرا لا يحصون كثرة، وقتل ملك