على عمر سأله عن أرض مكران فقال: يا أمير المؤمنين أرض سهلها جبل، وماؤها وشل (1)، وثمرها دقل، وعدوها بطل، وخيرها قليل، وشرها طويل، والكثير بها قليل، والقليل بها ضائع، وما وراءها شر منها. فقال عمر: أسجاع أنت أم مخبر؟ فقال: لا، بل مخبر، فكتب عمر إلى الحكم بن عمرو أن لا يغزو بعد ذلك مكران، وليقتصروا على ما دون النهر. وقد قال الحكم بن عمرو في ذلك:
لقد شبع الأرامل غير فخر * بفئ جاءهم من مكران أتاهم بعد مسغبة وجهد * وقد صفر الشتاء من الدخان فإني لا يذم الجيش فعلي * ولا سيفي يذم ولا لساني (2) غداة أدافع الأوباش دفعا * إلى السند العريضة والمداني ومهران لنا فيما أردنا * مطيع غير مسترخي العنان فلولا ما نهى عنه أميري * قطعناه إلى البدد الزواني غزوة الأكراد ثم ذكر ابن جرير بسنده عن سيف عن شيوخه: أن جماعة من الأكراد والتف إليهم طائفة من الفرس اجتمعوا فلقيهم أبو موسى بمكان من أرض بيروذ قريب من نهر تيري، ثم سار عنهم أبو موسى إلى أصبهان وقد استخلف على حربهم الربيع بن زياد بعد مقتل أخيه المهاجر بن زياد، فتسلم الحرب وحنق عليهم، فهزم الله العدو وله الحمد والمنة، كما هي عادته المستمرة وسنته المستقرة، في عباده المؤمنين، وحزبه المفلحين، من أتباع سيد المرسلين. ثم خمست الغنيمة وبعث بالفتح والخمس إلى عمر رضي الله عنه، وقد سار ضبة بن محصن العنزي فاشتكى أبا موسى إلى عمر، وذكر عنه أمورا لا ينقم عليه بسببها (3)، فاستدعاه عمر فسأله عنها فاعتذر منها