من حديث الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين: أيها الناس اتهموا الرأي على الدين فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أقدر أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددته، والله ما حملنا سيوفنا على عواتقنا منذ أسلمنا لأمر يقطعنا إلا أسهل بنا إلى أمر نعرفه غير أمرنا هذا. وقال ابن جرير: وحدثنا أحمد بن محمد، ثنا الوليد بن صالح، ثنا عطاء بن مسلم، عن الأعمش قال قال أبو عبد الرحمن السلمي: قال كنا مع علي بصفين وكنا قد وكلنا بفرسه نفسين يحفظانه يمنعانه أن يحمل، فكان إذا حانت منهما غفلة حمل فلا يرجع حتى يخضب سيفه، وإنه حمل ذات يوم فلم يرجع حتى انثنى سيفه، فألقاه إليهم وقال: لولا أنه انثنى ما رجعت، قال: ورأيت عمارا لا يأخذ واديا من أودية صفين إلا اتبعه من كان هناك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيته جاء إلى هاشم بن عتبة وهو صاحب راية علي فقال: يا هاشم تقدم! الجنة تحت ظلال السيوف، والموت في أطراف الأسنة (1)، وقد فتحت أبواب الجنة وتزينت الحور العين:
اليوم ألقى الأحبة * محمدا وحزبه ثم حملا هو وهاشم فقتلا رحمهما الله تعالى، قال: وحمل حينئذ علي وأصحابه على أهل الشام حملة رجل واحد كأنهما: كان - يعني عمارا وهاشما - علما لهم قال: فلما كان الليل قلت لأدخلن الليلة إلى العسكر الشاميين حتى أعلم هل بلغ منهم قتل عمار ما بلغ منا؟ - وكنا إذا توادعنا من القتال تحدثوا إلينا وتحدثنا إليهم - فركبت فرسي وقد هدأت الرجل، ثم دخلت عسكرهم فإذا أنا بأربعة يتسامرون، معاوية، وأبو الأعور السلمي، وعمرو بن العاص، وابنه عبد الله بن عمرو وهو خير الأربعة. قال: فأدخلت فرسي بينهم مخافة أن يفوتني ما يقول بعضهم لبعض، فقال عبد الله لأبيه: يا أبة قتلتم هذا الرجل في يومكم هذا وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، قال: وما قال؟
قال: ألم يكن معنا ونحن نبني المسجد والناس ينقلون حجرا حجرا، ولبنة لبنة، وعمار ينقل حجرين حجرين ولبنتين لبنتين [فغشي عليه] (2)؟ فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول: " ويحك يا بن سمية الناس ينقلون حجرا حجرا ولبنة لبنة وأنت تنقل حجرين حجرين ولبنتين لبنتين رغبة منك في الاجر وكنت مع ذلك ويحك تقتلك الفئة الباغية " (3) قال فرجع عمرو صدر فرسه ثم جذب معاوية إليه فقال: يا معاوية أما تسمع ما يقول عبد الله؟ قال:
وما يقول؟ قال: يقول وأخبره الخبر فقال معاوية إنك شيخ أخرق ولا تزال تحدث بالحديث وأنت تدحض في بولك، أو نحن قتلنا عمارا؟ إنما قتل عمارا من جاء به؟ قال: فخرج الناس من عند فساطيطهم وأخبيتهم وهم يقولون: إنما قتل عمارا من جاء به، فلا أدري من كان أعجب هو أو