تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما مؤمنو الجن ككفارها فارحل إلى الصفوة من هاشم * بين روابيها وأحجارها قال فعلت أن الله قد أراد بي خير. فقمت إلى بردة لي ففتقتها ولبستها ووضعت رجلي في غرز ركاب الناقة. وأقبلت حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فعرض علي الاسلام فأسلمت، وأخبرته الخبر فقال " إذا اجتمع المسلمون فأخبرهم " فلما اجتمع المسلمون قمت فقلت:
أتاني نجيي بعد هدء ورقدة * ولم يك فيما قد بلوت بكاذب ثلاث ليال قوله كل ليلة * أتاك رسول من لؤي بن غالب فشمرت عن ذيلي الإزار ووسطت * بي الذعلب الوجناء غبر السباسب (1) وأعلم أن الله لا رب غيره * وأنك مأمون على كل غائب وأنك أدنى المرسلين وسيلة * إلى الله يا بن الأكرمين الأطايب فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل * وإن كان فيما جاء شيب الذوائب قال فسر المسلمون بذلك، فقال عمر هل نحس اليوم منها بشئ؟ قال أما إذ علمني الله القرآن فلا وقد رواه محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن عمر بن حفص. قال لما ورد سواد بن قارب على عمر قال: يا سواد بن قارب ما بقي من كهانتك؟ فغضب وقال: ما أظنك يا أمير المؤمنين استقبلت أحدا من العرب بمثل هذا، فلما رأى ما في وجهه من الغضب، قال: انظر سواد للذي كنا عليه قبل اليوم من الشرك أعظم. ثم قال يا سواد حدثني حديثا كنت أشتهي أسمعه منك، قال نعم، بين أنا في إبل لي بالسراة (2) ليلا وأنا نائم وكان لي نجي من الجن أتاني فضربني برجله فقال لي قم يا سواد بن قارب فقد ظهر بتهامة نبي يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم، فذكر القصة كما تقدم وزاد في آخر الشعر:
وكن لي شفيعا يوم لا ذو قرابة * سواك بمغن عن سواد بن قارب (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سر في قومك وقل هذا الشعر فيهم ".
ورواه الحافظ ابن عساكر من طريق سليمان بن عبد الرحمن عن الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي عن عباد بن عبد المصد عن سعيد بن جبير قال أخبرني سواد بن قارب الأزدي. قال:
كنت نائما على جبل من جبال السراة (4) فأتاني آت فضربني برجله - وذكر القصة أيضا.