فطمعت أن يكون منها فجعله الله تعالى في أشرف عنصر وأكرم محتد وأطيب أصل كما قال تعالى:
(الله أعلم حيث يجعل رسالاته) وسنذكر المولد مفصلا ومما قالت أم قتال بنت نوفل من الشعر تتأسف على ما فاتها من الامر الذي رامته وذلك فيما رواه البيهقي من طريق يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق رحمه الله:
عليك بآل زهرة حيث كانوا * وآمنة التي حملت غلاما ترى المهدي حين نزا عليها * ونورا قد تقدمه أماما إلى أن قالت:
فكل الخلق يرجوه جميعا * يسود الناس مهتديا إماما يراه الله من نور صفاه * فأذهب نوره عنا الظلاما وذلك صنع ربك إذ حباه * إذا ما سار يوما أو أقاما فيهدي أهل مكة بعد كفر * ويفرض بعد ذلكم الصياما وقال أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي: حدثنا علي بن حرب حدثنا محمد بن عمارة القرشي حدثنا مسلم بن خالد الزنجي حدثنا ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: لما انطلق عبد المطلب بابنه عبد الله ليزوجه مر به على كاهنة من أهل تبالة متهودة قد قرأت الكتب، يقال لها فاطمة بنت مر الخثعمية فرأت نور النبوة في وجه عبد الله فقالت يا فتى هل لك أن تقع علي الآن وأعطيك مائة من الإبل؟ فقال عبد الله:
أما الحرام فالممات دونه * والحل لا حل فأستبينه فكيف بالامر الذي تبغينه * يحمي الكريم عرضه ودينه ثم مضى مع أبيه فزوجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فأقام عندها ثلاثا. ثم إن نفسه دعته إلى ما دعته إليه الكاهنة فأتاها فقالت: ما صنعت بعدي؟ فأخبرها. فقالت والله ما أنا بصاحبة ريبة ولكني رأيت في وجهك نورا فأردت أن يكون في. وأبى الله إلا أن يجعله حيث أراد.
ثم أنشأت فاطمة تقول:
إني رأيت مخيلة لمعت * فتلألأت بحناتم القطر فلمأتها نورا يضئ له * ما حوله كإضاءة البدر ورجوتها فخرا أبوء به * ما كل قادح زنده يوري لله ما زهرية سلبت * ثوبيك ما استلبت وما تدري وقالت فاطمة أيضا:
بني هاشم قد غادرت من أخيكم * أمينة إذ للباه يعتركان كما غادر المصباح عند خموده * فتائل قد ميثت له بدهان