عن محمد (1) بن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها (2) ستر فهبت الريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة تلعب، فقال: " ما هذا يا عائشة؟ فقالت: بناتي، ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع. فقال: " ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس. قال: وما الذي عليه هذا؟ قالت: جناحان. قال: فرس له جناحان؟ قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه صلى الله عليه وسلم " (3). وقال بعض العلماء لما ترك الخيل لله عوضه الله عنها بما هو خير له منها وهو الريح التي كانت غدوها شهرا ورواحها شهرا كما سيأتي الكلام عليها، كما قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن أبي قتادة وأبي الدهماء، وكانا يكثران السفر نحو البيت قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمني مما علمه الله عز وجل وقال: " إنك لا تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه " (4).
وقوله تعالى: (ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب). ذكر ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما من المفسرين ههنا آثارا كثيرة عن جماعة من السلف وأكثرها أو كلها متلقاة من الإسرائيليات (5) وفي كثير منها نكارة شديدة وقد نبهنا على ذلك في كتابنا التفسير واقتصرنا ههنا على مجرد التلاوة ومضمون ما ذكروه أن سليمان عليه السلام غاب عن سريره أربعين يوما ثم عاد إليه ولما عاد أمر ببناء بيت المقدس فبناه بناء محكما. وقد قدمنا أنه جدده وأن أول من جعله مسجدا إسرائيل عليه السلام كما ذكرنا ذلك عند قول أبي ذر، قلت: يا رسول الله أي مسجد وضع أول قال: " المسجد الحرام " قلت: ثم أي؟ قال: مسجد بيت المقدس، قلت: كم