معه معد بن عدنان على البراق كي لا تصيبه النقمة فيهم فإني مستخرج من صلبه نبيا كريما أختم به الرسل ففعل أرميا ذلك واحتمل معدا على البراق إلى أرض الشام فنشأ مع بني إسرائيل ممن بقي منهم بعد خراب بيت المقدس وتزوج هناك امرأة اسمها معانة بنت جوشن من بني دب بن جرهم قبل أن يرجع إلى بلاده ثم عاد بعد أن هدأت الفتن وتمحضت جزيرة العرب وكان رخيا كاتب أرمياء قد كتب نسبه في كتاب عنده ليكون في خزانة أرمياء فيحفظ نسب معد كذلك والله أعلم.
ولهذا كره مالك رحمه الله رفع النسب إلى ما بعد عدنان.
قال السهيلي: وإنما تكلمنا في رفع هذه الأنساب على مذهب من يرى ذلك ولم يكرهه كابن إسحاق والبخاري والزبير بن بكار والطبري وغيرهم من العلماء، وأما مالك رحمه الله فقد سئل عن الرجل يرفع نسبه إلى آدم فكره ذلك، وقال له من أين له علم ذلك فقيل له فإلى إسماعيل فأنكر ذلك أيضا وقال ومن يخبره به وكره أيضا أن يرفع في نسب الأنبياء مثل أن يقال إبراهيم بن فلان بن فلان هكذا ذكره المعيطي في كتابه.
قال: وقول مالك هذا نحو مما روى عن عروة بن الزبير أنه قال ما وجدنا أحدا يعرف ما بين عدنان وإسماعيل، وعن ابن عباس أنه قال بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون وروي عن ابن عباس أيضا أنه كان إذا بلغ عدنان يقول كذب النسابون مرتين أو ثلاثا والأصح عن ابن مسعود مثله. وقال عمر بن الخطاب إنما تنسب إلى عدنان، وقال أبو عمر بن عبد البر في كتابه الأنباه في معرفة قبائل الرواه: روى ابن لهيعة (1) عن أبي الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يقول ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء عدنان ولا ما وراء قحطان إلا تخرصا، وقال أبو الأسود: سمعت أبا بكر بن سليمان بن أبي خيثمة وكان من أعلم قريش بأشعارهم وأنسابهم يقول ما وجدنا أحدا يعرف ما وراء معد بن عدنان في شعر شاعر ولا علم عالم.
قال أبو عمر: وكان قوم من السلف منهم عبد الله بن مسعود وعمرو بن ميمون الأزدي ومحمد بن كعب القرظي إذا تلوا (والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله) قالوا: كذب النسابون.
قال أبو عمر رحمه الله: والمعنى عندنا في هذا غير ما ذهبوا والمراد أن من ادعى احصاء بني آدم فإنهم لا يعلمهم إلا الله الذي خلقهم، وأما أنساب العرب فإن أهل العلم بأيامها وأنسابها قد وعوا وحفظوا جماهيرها وأمهات قبائلها، واختلفوا في بعض فروع ذلك.