في قبيلتي خثعم وهما شهران وناهس (1) ومن تبعه من قبائل العرب فقاتله فهزمه أبرهة وأخذ له نفيل أسيرا فأتى به فلما هم بقتله قال له نفيل أيها الملك لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب وهاتان يداي لك على قبيلتي خثعم - شهران وناهس - بالسمع والطاعة. فخلى سبيله (2) وخرج به معه يدله حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف في رجال ثقيف فقالوا له أيها الملك إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ليس عندنا لك خلاف. وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد - يعنون اللآت - إنما تريد البيت الذي بمكة ونحن نبعث معك من يدلك عليه فتجاوز عنهم.
قال ابن إسحاق واللات بيت لهم بالطائف كانوا يعظمونه نحو تعظيم الكعبة. قال فبعثوا معه أبا رغال يدله على الطريق إلى مكة. فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله بالمغمس (3). فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك فرجمت قبره العرب فهو القبر الذي يرجم الناس بالغمس وقد تقدم في قصة ثمود أن أبا رغال كان رجلا منهم وكان يمتنع بالحرم فلما خرج منه أصابه حجر فقتله وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه " وآية ذلك أنه دفن معه غصنان من ذهب " فحفروا فوجدوهما قال وهو أبو ثقيف.
قلت والجمع بين هذا وبين ما ذكر ابن إسحاق أن أبا رغال هذا المتأخر وافق اسمه اسم جده الاعلى ورجمه الناس كما رجموا قبر الأول أيضا والله أعلم. وقد قال جرير:
إذا مات الفرزدق فارجموه * كرجمكم لقبر أبي رغال الظاهر أنه الثاني.
قال ابن إسحاق فلما نزل أبرهة بالمغمس بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مفصود (4) على خيل له حتى انتهى إلى مكة. فساق إليه أموال [أهل] تهامة من قريش وغيرهم. وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم - وهو يومئذ كبير قريش وسيدها - فهمت قريش وكنانة وهذيل (5) ومن كان بذلك الحرم [من سائر الناس] (6) بقتاله. ثم عرفوا أنه لا طاقة لهم به فتركوا