صعيد واحد ثم تصلبني على جذع وتأخذ سهما من كنانتي (1). ثم قل: بسم الله رب الغلام، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، ففعل ووضع السهم في كبد القوس، ثم رماه وقال بسم الله رب الغلام فوقع السهم في صدغه فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات (2) فقال الناس: آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام، فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر فقد والله نزل بك، قد آمن الناس كلهم، فأمر بأفواه السكك فحفر فيها الأخاديد وأضرمت فيها النيران، وقال: من رجع عن دينه فدعوه، وإلا فأقحموه فيها، وقال: فكانوا يتعادون فيها ويتواقعون (3) فجاءت امرأة بابن لها ترضعه فكأنها تقاعست أن تقع في النار، فقال الصبي: اصبري يا أماه فإنك على الحق " (4) كذا رواه الإمام أحمد ورواه مسلم والنسائي من حديث حماد بن سلمة زاد النسائي وحماد بن زيد كلاهما عن ثابت به. ورواه الترمذي من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن ثابت بإسناده نحوه وجرد إيراده كما بسطنا ذلك في التفسير.
وقد أورد محمد بن إسحاق هذه القصة على وجه آخر فقال: حدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب وحدثني أيضا بعض أهل نجران عن أهلها أن أهل نجران كانوا أهل شرك يعبدون الأوثان وكان في قرية من قراها قريبا من نجران - ونجران هي القرية العظمى التي إليها جماع أهل تلك البلاد - ساحر يعلم غلمان أهل نجران السحر، فلما نزلها فيمون، ولم يسموه لي بالاسم الذي سماه ابن منبه، قالوا رجل نزلها فابتنى خيمة بين نجران وبين تلك القرية التي فيها الساحر، وجعل أهل نجران يرسلون غلمانهم إلى ذلك الساحر يعلمهم السحر، فبعث التامر ابنه عبد الله بن التامر مع غلمان أهل نجران، فكان إذا مر بصاحب الخيمة أعجبه ما يرى من عبادته وصلاته، فجعل يجلس إليه ويسمع منه، حتى أسلم، فوحد الله وعبده، وجعل يسأله عن شرائع الاسلام، حتى إذا فقه فيه جعل يسأله عن الاسم الأعظم، وكان يعلمه فكتمه إياه، وقال له: يا بن أخي إنك لن تحمله، أخشى ضعفك عنه، والتامر لا يظن إلا أن ابنه عبد الله يختلف إلى الساحر كما يختلف الغلمان، فلما رأى عبد الله أن صاحبه قد ضن به عنه وتخوف ضعفه فيه، عمد إلى قداح (5) فجمعها، ثم لم يبق لله اسما يعلمه إلا كتبه في قدح لكل اسم قدح، حتى إذا أحصاها أوقد نارا، ثم جعل يقذفها [فيها] قدحا قدحا، حتى إذا مر بالاسم الأعظم قذف فيها بقدحه، فوثب القدح حتى خرج منها لم تضره شيئا، فأخذه ثم أتى به صاحبه، فأخبره أنه قد علم