ابن معد يكرب فلما كان آخر الليل رجع عمرو فقالوا: ما رجعك؟ قال: سرنا يوما وليلة ولم نر شيئا فرجعت، ومضى طليحة حتى انتهى إلى نهاوند وبين موضع المسلمين الذي هم به ونهاوند بضة وعشرون فرسخا فقال الناس: ارتد طليحة الثانية فعلم كلام القوم ورجع، فلما رأوه كبروا فقال: ما شأنكم؟ فأعلموه بالذي خافوا عليه، فقال: والله لو لم يكن دين إلا العربي ما كنت لأجزر العجم الطماطم هذه العرب العاربة. فأعلم النعمان أنه لير بينهم وبين نهاوند شيء يكرهه ولا أحد.
فرحل النعمان وعبى أصحابه وهم ثلاثون ألفا، فجعل على مقدمته نعيم بن مقرن وعلى مجنبتيه حذيفة بن اليمان، وسويد بن مقرن، وعلى المجردة القعقاع بن عمرو، وعلى الساقة مجاشع بن مسعود، وقد توافت إليه أمداد المدينة، فيهم المغيرة بن شعبة فانتهوا إلى إسبيذهان والفرس وقوف على تعبيتهم، وأميرهم الفيرزان وعلى مجنبتيه الزردق، وبهمن جاذويه الذي جعل مكان ذي الحاجب، وقد توافى إليهم الأمداد بنهاوند كل من غاب عن القادسية ليسوا بدونهم، فلما رآهم النعمان كبر وكبر معه الناس فتزلزلت الأعاجم وحطت العرب الأثقال وضرب فسطاط النعمان فابتدر أشراف الكوفة فضربوه منهم حذيفة بن اليمان، وعقبة بن عامر والمغيرة بن شعبة، وبشير بن الخصاصية، وحنظلة الكاتب، وجرير بن عبد الله البجلي، والأشعث بن قيس، وسعيد بن قيس الهمداني، ووائل بن حجر، وغيرهم فلم ير بناء فسطاط بالعراق كهؤلاء.