من القسمة احتملتهما معي وقدمت على عمر، وكان قد قدر الوقعة فبات يتململ ويخرج ويتوقع الأخبار فبينما رجل من المسلمين قد خرج في بعض حوائجه فرجع إلى المدينة ليلا فمر به راكب فسأله من أين أقبل؟ فقال: من نهاوند. وأخبره بالفتح وقتل النعمان، فلما أصبح الرجل تحدث بهذا بعد ثلاث من الوقعة، فبلغ الخبر عمر فسأله فأخبره فقال: ذلك بريد الجن.
ثم قدم البريد بعد ذلك فأخبره بما يسره ولم يخبره بقتل النعمان. قال السائب: فخرج عمر من الغد يتوقع الأخبار قال: فأتيته فقال: ما وراءك؟ فقلت: خيرا يا أمير المؤمنين فتح الله عليك وأعظم الفتح، واستشهد النعمان بن مقرن فقال عمر: إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم بكى فنشج حتى بانت فروع كتفيه فوق كتده قال: فلما رأيت ذلك وما لقي قلت: يا أمير المؤمنين ما أصيب بعده رجل يعرف وجهه. فقال: أولئك المستضعفون من المسلمين ولكن الذي أكرمهم بالشهادة يعرف وجوههم وأنسابهم وما يصنع أولئك بمعرفة عمر، ثم أخبرته بالسفطين فقال: أدخلهما بيت المال حتى ننظر في شأنهما وألحق بجندك قال: ففعلت وخرجت سريعا إلى الكوفة.
وبات عمر، فلما أصبح بعث في أثري رسولا، فما أدركني حتى دخلت الكوفة فأنخت بعيري وأناخ بعيره على عرقوبي بعيري فقال: الحق بأمير المؤمنين فقد بعثني في طلبك، فلم أقدر عليك إلا الآن. قال: فركبت معه فقدمت على عمر فلما رآني قال: إلى، مالي وللسائب. قلت: ولماذا؟ قال: ويحك والله ما هو إلا أن نمت الليلة التي خرجت فيها فباتت الملائكة