شديدا لم يسمع السامعون بوقعة كانت أشد منها وما كان يسمع إلا وقع الحديد وصبر لهم المسلمون صبرا عظيما، وانهزم الأعاجم وقتل منهم ما بين الزوال والإعتام ما طبق أرض المعركة دما يزلق الناس والدواب.
فلما أقر الله عين النعمان بالفتح استجاب له فقتل شهيدا زلق به فرسه فصرع. وقيل: بل رمي بسهم في خاصرته فقتله، فسجاه أخوه نعيم بثوب، وأخذ الراية وناولها حذيفة، فأخذها وتقدم إلى موضع النعمان، ترك نعيما مكانه. وقال لهم المغيرة: اكتموا مصاب أميركم حتى ننتظر ما يصنع الله فينا وفيهم لئلا يهن الناس. فاقتتلوا، فلما أظلم الليل عليهم انهزم المشركون وذهبوا ولزمهم المسلمون، وعمي عليهم قصدهم فتركوه وأخذوا نحو اللهب الذي كانوا دونه بأسبيذهان فوقعوا فيه فكان الواحد منهم يقع فيقع عليه ستة بعضهم على بعضهم في قياد واحد فيقتلون جميعا وجعل يعقرهم حسك الحديد فمات منهم في اللهب مائة ألف أو يزيدون سوي من قتل في المعركة.
وقيل: قتل في اللهب ثمانون ألفا، وفي المعركة ثلاثون ألفا سوي من قتل في الطلب، ولم يفلت إلا الشريد، ونجا الفيرزان من الصرعى فهرب نحو همذان فاتبعه نعيم بن مقرن، وقدم القعقاع قدامه فأدركه بثنية همذان وهي إذ ذاك مشحونة من بغال وحمير موقرة عسلا، فحبسه الدواب على أجله، فلما لم يجد طريقا نزل عن دابته وصعد في الجبل فتبعه القعقاع راجل