مصافهم كما أزالوكم تركب أولاهم أخراهم كالإبل المطردة الهيم فالآن فاصبروا فقد نزلت عليكم السكينة وثبتكم الله باليقين ليعلم المنهزم أنه مسخط ربه وموبق نفسه في كلام طويل وكان بشر بن عصمة المري قد لحق بمعاوية فلما اقتتل الناس بصفين نظر بشر إلى مالك بن العقدية الجشمي وهو يفتك بأهل الشام فاغتاظ لذلك فحمل علي مالك وتجاولا ساعة ثم طعنه بشر بن عصمة فصرعه ولم يقتله وانصرف عنه وقد ندم علي طعنته إياه وكان جبارا فقال:
(وإني لأرجو من مليكي تجاوزا * ومن صاحب الموسوم في الصدر هاجس) (دلفت له تحت الغبار بطعنة * علي ساعة فيها الطعان تخالس) فبلغت مقالته ابن العقدية فقال:
(ألا أبلغا بشر بن عصمة أنني * شغلت وألهاني الذين أمارس) (وصادفت مني غرة وأصبتها كذ * لك والأبطال ماض وحابس) وحمل عبد الله بن الطفيل البكائي علي أهل الشام فلما انصرف حمل عليه رجل من بني تميم يقال له قيس بن مرة ممن لحق بمعاوية من أهل العراق فوضع الرمح بين كتفي عبد الله واعترضه ابن عم لعبد الله اسمه يزيد بن معاوية فوضع الرمح بين كتفي التميمي فقال له والله لئن طعنته لأطعننك فقال له عليك عهد الله وميثاقه إن رفعت الرمح عن ظهر صاحبك لترفعن سنانك